الإنسان ابن بيئته،  مقولة شائعة نتداولها في حياتنا اليومية لمدح أشخاص أو ذمهم ، وأنا أدّعي أن الطالب ابن بيئته، وهذا ليس من قبيل المدح أو الذم ، وإنما من منطلق أن البيئة مختبر الطالب وأهم مصادر تعلمه ، فمن خلالها يتعلم طرق الحياة ، ويطور مفاهيمه ، ويكتسب الخبرة ويقف على قوانين التغيير فيها، ويرتبط معنى البيئة بالغرض الذي يُستخدم من أجله ، فالأسرة بيئة، والبيت بيئة، والمنطقة بيئة، والوطن العربي بيئة، كما يمكن أن نربط معنى البيئة بنوع النشاط الذي يمارس فيه، فنقول بيئة رعوية، وبيئة زراعية، وبيئة صناعية، ولقد نظر مؤتمر استوكهوم الذي عقدته الأمم المتحدة، عام 1972 لدراسة البيئة البشرية إلى البيئة على أساس أنها رصيد الموارد المادية والاجتماعية المتاحة في وقت ما ومكان ما لإشباع حاجات الإنسان وتطلعاته.

وتعد الخبرات اليومية أهم مصادر المعرفة للطلبة، فمن خلال التلفاز والمذياع، وأنظمة المواصلات والاتصالات، والصحف والمجلات، والأسواق، والاحتفال بالأعياد والمناسبات والذهاب إلى المساجد ودور العبادة، واستخدام شبكة الحاسوب العالمية «الإنترنت» والهاتف النقال، يكتشفون أشياء كثيرة، وتثار دافعيتهم لطرح الأسئلة، لذا فإن المعلم اليقظ يركز على إبراز هذه الجوانب ويستخدمها إلى أقصى درجة ممكنة، ويُجري المقارنة بين خبرات المتعلمين في بيئتهم، وخبرات غيرهم من المتعلمين في بيئات أخرى. وحتى يتمكن المعلم من الاستفادة القصوى من خبرات المتعلمين اليومية فإن عليه أن يكون على معرفة ووعي تام بأنشطة الطلاب في المجتمع، فيعرف الأنشطة والألعاب التي يحبونها بعد المدرسة، وما يفضلونه من برامج التلفاز، وما يستخدمونه من خدمات مكتبية وترفيهية والأعمال الكشفية والمشكلات التي تثير اهتمامهم.

تنمية البيئة المحلية وحمايتها
من المهام الأساسية للمدرسة أن تسهم مع طلابها ومعلميها تنمية البيئة المحلية، وننظر إلى تنمية البيئة على أنها عملية منوعة، تلزم جميع قطاعات الناس وتستدعي اتباع نهج طويل المدى يشجع البحث عن حلول للمشكلات العامة للبيئة، وتنمية روح الاعتماد على النفس يضمن في الوقت نفسه استمرار التنمية في المستقبل. وتعتمد تنمية البيئة على الظروف المحلية وطبيعة الأهالي.

التربية البيئية
لقد دفع تنوع المشكلات البيئية، وتعدد حاجات المجتمع المربين إلى البحث عن حلول مقبولة لها. فكانت هناك مشاريع تنمية البيئة و حمايتها، ومشاريع تنظيم المجتمع وتنميته، حتى وصل الأمر إلى طرح مادة دراسية هي التربية البيئية، وتعرف التربية البيئية بأنها: العملية التربوية التي تتعلق بعلاقات الناس مع محيطهم الطبيعي، ومحيطهم البشري الذي هو من صنع الإنسان، وتمتاز برامج التربية البيئية في أنها تستخدم أكثر من مادة لتحقيق أهداف التربية البيئية ، وتركز على العلاقات بين الإنسان والطبيعة ، وتركز على المشكلات المعاصرة التي من صنع الإنسان وتلك التي من صنع البيئة . وتستفيد من مصادر البيئة خارج المدرسة ، وتؤكد على ضرورة التعاون بين المدرسة والمجتمع وتعمل على تطوير المفاهيم والاتجاهات والمهارات لدى المتعلمين، وتبنى مناهجها على أساس عملية المشاركة ،وتتيح الفرصة للطالب ليتعلم كيف يتعلم من المواقف الجديدة وكيف يزن البدائل ويختار الحلول.

أهداف التربية البيئية هي:
1. الإلمام بكل عناصر البيئة المحيطة والمشكلات المتعلقة بها.
2. المعرفة بتكوين مفهوم عام لعناصر البيئة المحيطة، والمشكلات المتعلقة بها، ودور البشرية ومسؤوليتها حيالها.
3. الاتجاه لِخلق قيم اجتماعية، ومشاعر قوية للاهتمام بالبيئة، ووضع الحوافز التي تسهم في حمايتها وتحسينها.
4. اكتساب المهارات؛ لمساعدة الفرد والمجموعات الاجتماعية على اكتساب المهارات الكفيلة بحل مشكلات البيئة.
5. تطوير الإحساس بالمسؤولية والأهمية العاجلة لمشكلات البيئة، حتى تضمن اتخاذ الخطوات المناسبة.
استخدامات البيئة المحلية:
البيئة المحلية: هي ما يحيط بك ويؤثر فيك ويتأثر بك، ومن المفروض أن تُستغل كمصدر من مصادر التعلم على النحو الآتي:
• توجيه المتعلمين فرادى وزمر لملاحظة أشياء محددة في البيئة المحلية، مثل: الطبيعة وكل ما تشتمل عليه في البيئة المحلية، والناس في البيئة، والعلاقات بين الناس، والأنشطة الاقتصادية والزراعية والحيوانية والمعدنية والصناعية والتجارية، والتغيرات الطبيعية مثل: سقوط المطر، أو حدوث البرد، أو الجفاف أو الزلزال، وما شابه.
• توجيه المتعلمين لدراسة بعض المشكلات البيئية المحلية مثل: الازدحام، قلة النظافة، انتشار الذباب والبعوض، انتشار الأمراض وحوادث السير وغيرها.
• قيام المتعلمين بالرحلات العلمية والترفيهية لكل ما في البيئة المحلية، لغرض التعرف إليها، والترويح عن النفس، وربط ما في البيئة المحلية بموضوعات التعلم.
• إتاحة الفرص للطلاب للتعبير الحر الشفوي عما يشاهدونه، ويحسون به في البيئة المحلية
• مساعدة الطلاب على التعبير بالرسم عما يشاهدونه ويحسون به في البيئة.
• جمع الأمثال الشعبية، والقصص الشعبية ، والأشعار الشعبية وحفظها وتوظيفها وتقييم محتواها لغرض تطويرها.
• الإسهام بكل الأنشطة الشعبية في الأفراح ، والأتراح ، والمناسبات ، والأعياد الدينية ، والوطنية ، والاجتماعية.
• نقد وتقييم الممارسات والسلوكات غير المرغوب فيها ، لغرض تطويرها .
• حضور مجالس الكبار وتقييم ما يتم بهذه المجالس لغرض تطويرها.
• الوقوف على الأحداث التاريخية الكبرى التي حدثت في البيئة المحلية التي يعيش فيها المتعلمون ، وتعميق هذه الأحداث في وجدان المتعلمين ،وتعميق هذه الأحداث في وجدان المتعلمين ، لتصبح مواطن فخر واعتزاز بالنسبة لهم.
• تحديد أهم السمات الجغرافية المميزة المحلية التي يعيش فيها المتعلمون.
• تحديد أهم المشكلات المتنوعة التي تواجه البيئة المحلية.
• ادارك المتعلمين لطبيعة التعاملات الإجتماعية في البيئة المحلية.
• التحلي بالفضائل الخلقية الموجودة في البيئة المحلية مثل الشهامة والمروءة، والكرم وإغاثة الجار، إجارة الملهوف، ورفع الضيم، والصدق والتعاون، والتواد، وصلة ذي القربى، وصلة الجار، والصبر والحلم.
• التخلي عن السلوكات السلبية ، مثل : الكذب ، والعدوان ، والبهتان والتحقير ، والتنابز بالألقاب ، والجحود ، والكفر بالنعم ، وإيقاع الأذى والسرقة والغش ، والنميمة.
• التعرف إلى المؤسسات الرسمية الرئيسة في البيئة المحلية، أو ما يمكن أن يسمى بالتربية المدنية.
• اكتساب التربية الوطنية بمعناها الواسع انطلاقاً من بيئة الأسرة، والمدرسة والحي والقرية والمدينة واللواء والمحافظة.
• جمع الألعاب الشعبية وممارستها ، وبالتالي تقييمها لغرض تطويرها.
• استخلاص السمات المميزة للبيئة المحلية التي يعيش فيها المتعلمون، لتدعيم هذه السمات ولتكون مواطن فخر واعتزاز لهم.

أمينة منصور الحطاب

صحيفة الرأي الكويتية

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا