تعتبر الضوضاء أوالضجيج شكلا من أشكال التلوث البيئي لا يقل خطورة عن بقية أشكال التلوث التي تهدد البشر.

ويمكن تعريف الضوضاء بأنها (كل احساس سمعي مزعج أو غير مستحب) . ولقد اصبحت الضوضاء والضجيج من أبرز سمات المجتمع الانساني المعاصر الذي يصاحبه مظاهر القلق وعدم الاستقرار والاضطراب والفوضى, الأمر الذي يجعل أعصاب الكثير من الناس متوترة ومشدودة. ولم يعد الإنسان المعاصر ينعم بأسباب الهدوء والسكينة والراحة والطمأنينة التي نسجتها أصوات الطيور والعصافير وخرير الماء في البيئة الريفية على مرّ العصور.

وظاهرة الضجيج بالنسبة للإنسان قديمة,اذا تشير الكتابات على بعض الألواح الطينية التي وجدت في مدن سومر وبابل الى الملل والسأم من المدينة التي تعجّ بضوضاء الانسان. تقاس شدة الصوت بوحدة (ديسبل) والديسبل أقل درجة صوت يمكن لشخص عادي سماعها.

ويكفي أن نعلم أنّ المعدل الطبيعي لمستوى الصوت الذي تتحمله حاسة السمع لدينا بدون أن تتضرر أو تتحسس هو 50 ديسبل, ولكن معدلات شدة الصوت التي تسجل حاليا في العالم تزيد على 60 ديسبل بكثير, الأمر الذي ينبئ بالخطر المحدق بصحة الانسان جرّاء هذا النوع من التلوث.

وللضوضاء أخطار كثيرة, منها التأثير على السمع وما يصاحبه من فقدان جزئي او كلي للسمع. ويقدر عدد الأشخاص الذين يفقدون سمعهم جزئيا أو كليا في العالم سنويا بعشرات الملايين. ومن المتوقع أن تزداد نسبة هؤلاء الأشخاص بالنسبة للجيل الحاضر من الشباب بسبب تعرضهم المتزايد للضوضاء مقارنة بالأجيال التي سبقتهم. أما التاثيرات النفسية فتتمثل بالكآبة والضيق والصداع وصعوبة التركيز. وتصل الضوضاء عبر الألياف العصبية إلى الخلايا العصبية المركزية في المخ فتهاجمها وتهيجها, مما ينعكس سلبا على أعضاء الجسم كالقلب, الذي يسرع في نبضاته, والجهاز الهضمي الذي يضطرب فتزيد إفرازات المعدة مما قد يؤدي إلى الإصابة بقرحة المعدة او قرحة الإثني عشر. كما يمكن ان تتأثر إفرازات الكبد والبنكرياس والأمعاء والغدد الصماء, ومن شأن الأصوات العالية المفاجئة جعل الشعيرات الدموية تتقلص كما انها تحدث ذبذبات في الجلد وربما تحدث تغيرات في نشاط الأنسجة.

وتؤثر الضوضاء على إنتاج العاملين وحسن الأداء وخاصة الأعمال التي تتطلب انتباها. ولم يسلم الحيوان من آثار الضوضاء حيث تنخفض كمية الحليب عند الأبقار حال تعرضها لمستوى عال من الضوضاء خلال عملية الحلابة, لأن ذلك يؤثر على أعصابها وعلى حركة عضلاتها التي تساعد على تفريغ الضرع. وكذلك يؤدّي الضجيج إلى نقص كمية البيض عند الدواجن وإحداث نقص في وزن المواشي.

وللحد من آثار التلوث الضوضائي, وضع الباحثون عشرات الاقتراحات, وكان من أهمها زراعة الاشجار وقد ثبت أنّ لدى أوراق الأشجار القدرة على امتصاص ما نسبته 35% من الضوضاء. وتعتبر أشجار الكازورينا والتمر الهندي من الأشجار المهمة وذات القدرة العالية على امتصاص التلوث الضوضائي.

 

فاروق أبو طعيمة

العرب اليوم

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا