أفسحت الثدييات والطيور مكانا بينها لسمكة تسمى (أوباه) أو سمكة القمر لتنضم بذلك إلى نادي ذوات الدم الحار.

قال الباحثون في دورية (ساينس ‭Science‬) يوم الخميس إن هذه السمكة التي تعيش في أعماق البحار هي أول سمكة تنضم بلا رجعة للكائنات من ذوات الدم الحار -التي يتدفق في جهازها الدوري دم دافئ- ما يمكن هذه السمكة كي تصبح من المفترسات شديدة البأس في الأعماق السحيقة المتجمدة للمحيطات.

وتلجأ بعض أسماك القرش والتونة إلى تدفئة مناطق معينة من جسمها مثل العضلات المستخدمة في السباحة والمخ والعيون حتى يتسنى لها البحث عن طعامها في الأعماق شديدة البرودة لكن يتعين عليها العودة ثانية الى سطح الماء لحماية أعضائها الحيوية ومنها القلب من آثار انخفاض درجة الحرارة.

وتولد سمكة (أوباه) الحرارة داخليا من خلال إحداث ضربات سريعة متلاحقة للزعانف الصدرية الشبيهة بالأجنحة لتزيد درجة حرارة العضلات بواقع أربع الى خمس درجات مئوية في المتوسط عن درجة حرارة المياه المحيطة بها.

وتتسم سمكة القمر بتركيب فريد يحول دون ان تفقد هذه الحرارة لتتسرب الى البيئة المحيطة بها.

وتولد الحيوانات ذوات الدم الحار مثل الطيور والثدييات -التي يطلق عليها أيضا اسم داخلية الحرارة- الحرارة الخاصة بها كما تحتفظ بدرجة حرارة جسمها بغض النظر عن حرارة الوسط الموجودة به أما الحيوانات ذوات الدم البارد -خارجية الحرارة- فهي عكس ذلك ومنها البرمائيات والزواحف واللافقاريات ومعظم الأسماك.

وقال نيكولاس ويجنر عالم الأحياء المائية بالهيئة القومية للمصايد البحرية التابعة للإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوي “مع وجود نوع من الحرارة الداخلية التي تعم الجسم كله فان الأوباه ليست في حاجة الى العودة الى سطح الماء بحثا عن الدفء لذا فيمكنها البقاء في الأعماق باستمرار على مقربة من مصدر غذائها”.

وسمكة القمر ذات لون صدئ مائل للحمرة وتوجد على جسمها بقع بيضاء ولديها زعانف فضية براقة. وتزن السمكة الواحدة 90 كيلوجراما ويماثل حجمها إطار السيارة وهي ذات جسم بيضاوي الشكل. وهي توجد في شتى محيطات العالم وتقضي معظم وقتها على أعماق تتراوح بين 50 الى 400 متر وتتغذى على الأسماك الصغيرة والحبار (السبيط).

وقال اوين سنودجراس عالم الأحياء في الإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوي إنه نظرا للتركيب الفريد في خياشيمها فانها تجعل الدم الحار الذي ينطلق من جوفها يدفئ الدم البارد الراجع من الخياشيم المستخدمة في التنفس.

وكون سمكة القمر من ذوات الدم الحار يمنحها مميزات تتفوق على فرائسها من ذوات الدم البارد ومنافسيها ومنها اكتساب سرعات عالية في السباحة وسرعة رد الفعل وقوة وظائف المخ والعين والقدرة على الصمود أمام آثار البرودة على أعضاء الجسم.

وعادة ما تكون الأسماك عند هذا العمق بطيئة الحركة للغاية وتلجأ إلى نصب الكمائن لفرائسها لكنها لا تلاحقها.

ووثق الباحثون سمكة القمر وصنفوها على أنها من ذوات الدم الحار وذلك من خلال تتبع حركتها على سواحل كاليفورنيا مع قياس درجات حرارة جسم السمكة وحرارة المياه المحيطة بها والعمق.

 

رويترز

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا