ما يزال الإعلان عن مبادرة “ديزرتيك” لتأمين الطاقة الكهربائية لأوروبا والعديد من الدول العربية والأفريقية عبر مشروع عملاق للطاقة الشمسية في صحاري المنطقة، يشبه قصص “الخيال العلمي” يشغل بال الخبراء، خاصة لجهة ضخامة المشروع وانعكاساته السياسية والاقتصادية.وفي حين قدر البعض أن خطة بهذا الحجم قد تكلف أكثر من 550 مليار دولار خلال العقود الثلاثة أو الأربعة المقبلة، رأى البعض الآخر أنها لن تساعد أوروبا على “الاستقلال بمصادر الطاقة،” لأنها ستبقيها مرتبطة بالشرق الأوسط عبر الشمس عوض النفط، إلى جانب أن التوترات في المنطقة قد تهدد استقرار مصادر الطاقة.

وتبرز أهمية المشروع من واقع أن بعض الشركات الكبرى الناشطة في مختلف المجالات قد أعربت عن اهتمامها في المشاركة به، رغم صعوبات الاستثمار في ظل الأزمة المالية العالمية الراهنة.

ففي اجتماع عُقد الأسبوع الماضي في مدينة ميونيخ الألمانية وقعت وقد وقعت 13 شركة غربية مذكرة تفاهم لإظهار التزامها بالمشروع الذي قد يكون الأكبر على مستوى الطاقة البديلة في التاريخ.

وبين الموقعين “دويتشة بنك” وعملاق الطاقة “إيون” و”ميونخ ري” و”سيمنز” والهدف، بناء محطات تنتشر في شمالي أفريقيا وفي الشرق الأوسط لإنتاج الطاقة الكهربائية من الشمس، ومن ثم نقل الطاقة الناتجة منها إلى أوروبا.

وتعتقد الجهات التي تقف خلف المشروع أنها ستكون بحاجة إلى 550 مليار دولار خلال العقود الثلاثة أو الأربعة المقبلة لتغطية التكاليف، وهي تأمل بأن تشارك حكومات من الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا بتوفيرها.

ويرى مشرفون على المشروع أن تمويله لن يكون صعباً لأنه لن يحتاج إلى إيجاد مصادر مالية جديدة، بل يمكن الاكتفاء بقيام المستثمرين بتحويل وجهة أموالهم، فعوض بناء مفاعلات نووية للطاقة الكهربائية، يمكنهم الاكتفاء بالطاقة الشمسية.

وفي هذا السياق، قال سيو كوهفيشر، نائب رئيس مجلس إدارة “دويتشة بنك”: “أتصور أن الاتحاد الأوروبي قد يكون مهتماً بالمشاركة في المشروع، لأن لديهم أصلاً ميزانية مخصصة لمشاريع التنمية في منطقة البحر المتوسط، كما قد تكون هناك مصاريف مهتمة بتقديم قروض، وأنا واثق أننا سنجد وسائل أخرى للتمويل.”

وبحلول 2050، قد توفر الشمس 15 في المائة من حاجات أوروبا للطاقة، إلى جانب كميات الطاقة التي توفرها للدول التي ستستضيف المنشآت على أراضيها.

إلا أن هيرف توياتي من شركة “إيون” للطاقة لم ينف وجود عقبات قد تعترض المشروع، غير أنه تعهد بحلها قائلاً: “نحن سنواجهه المشاكل التي تعترضنا، وهذا مشروع كبير وبالطبع سيكون هناك أمور علينا مواجهتها.”

ويرى البعض أن الاضطرابات السياسية قد تكون عامل تهديد للمشروع، كما أن خبراء قالوا إن الخطة لن تحرر أوروبا من الارتهان لواردات الطاقة القادمة من خارجها، بل ستكتفي باستبدال طبيعة المواد المستوردة من النفط إلى الشمس.

ويقول خبراء إن استغلال واحد في المائة فقط من مساحة الصحاري العربية والأفريقية يمكن نظرياً أن يؤمّن حاجة العالم كله من الكهرباء، حيث ينتج الكيلومتر المربع الواحد 250 غيغاواط في السنة.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا