“حذاري.. الخفافيش والقرود والغوريلا والظباء والجرذان تنقل فيروس إيبولا”، هذه رسالة قصيرة اجتاحت هذه الأيام الهواتف المحمولة لسكان أفريقيا الوسطى ووسائل الإعلام المختلفة، تحذّر من خلالها وزارة الصحة من خطر انتقال عدوى الوباء من الحيوان إلى الإنسان.

ونجم عن هذا الإجراء تغير فوري في العادات الغذائية للسكان، فكان أن عزفوا عن مختلف المنتجات ذات الصلة بالصيد، وهو ما أثار استياء الباعة نظرا للتراجع الملحوظ لمستوى إيراداتهم اليومي، الذي يضعهم على شفا إفلاس محقّق.

وعلى الرغم من اختلاف وجهات نظر السكان بشأن مدى خطورة وباء إيبولا ومدى قناعتهم بما تقوله وزارة الصحة، فإن تأثير رسائل الوزارة بدأ في الظهور للعيان على مستوى الأسواق، إذ شهد الإقبال على لحوم الصيد تراجعا كبيرا، وطفق باعة هذا النوع من اللحوم -ويطلق عليهم اسم “والي غارا”- يشتكون من هذا العزوف.

لحوم القردة
وفي سوق البي كا 12 الواقع في المدخل الشمالي لعاصمة أفريقيا الوسطى بانغي، تبيع ليدي رمضان لحوم الطرائد، وتقول “هنا تجد جميع أنواع لحوم الصيد، ولا سيما لحوم القردة والظباء والغزلان، وزبائننا يقبلون على لحوم القردة بشكل خاص، لكنْ هناك أخبار عن احتمال انتشار إيبولا عبر لحوم القردة والخفافيش”.

وتشتكي ليدي مما تسببت فيه الأخبار التي تروج عن المرض في أفريقيا الوسطى من انحسار في مداخيلها، مشيرة إلى أنهم يعانون منذ أن بدأ الحديث عن إيبولا في البلاد، ومضيفة “هذه التجارة تمثل مصدر رزقنا الوحيد، نشتري الثياب لنا ولأبنائنا مما نغنم، ومنها نسدد إيجار البيت ومصاريف العلاج، ولكن منذ فترة لم تتوقف وزارة الصحة عن نشر رسائل هاتفية تحذر فيها من استهلاك لحوم الصيد، والناس يمتنعون عن الشراء وحتى الأسعار انخفضت، ما كنا نبيعه بـ400 أو 500 ألف فرنك أفريقي (785 و981 دولارا) لم يعد سعره يتجاوز الـ200 إلى 250 ألف فرنك أفريقي (292 إلى 490 دولارا).

وأمام هذا الوضع المزري، تخشى البائعات على مصير أسرهن التي ترتبط كليا بهذه المداخيل، بالإضافة إلى إثقال كاهلهن بنفقات الرخصة التي يحصلن عليها من البلدية كي يتمكن من ممارسة تجارتهن.

تحاليل
من جهتها تقول البائعة سيدوني بوكاري باستياء واضح، إننا نطلب من وزارة التجارة التي يذهب إليها ما ندفع من رسوم الرخص التنسيقَ مع وزارة الصحة ووزارة المياه والغابات للقيام بتحاليل على لحوم الصيد التي تباع في الأسواق، ثم الإعلان عن حالة هذه اللحوم، وإن تأكد أنها مصابة بإيبولا فليبلغونا بذلك وليمنعوا الاتجار في هذه اللحوم، بدل أن نواصل الاستثمار فيها بشكل خاسر.

وفي رد على تعليقات الباعة، يعتبر ليون مودومالي، وهو مسؤول اتصال في وزارة الصحة، أن الرسالة التحذيرية وقعت ضحية تأويل خاطئ من قبل السكان. إذ يقول إن الناس يستمعون إلى المعلومة ثم يؤولونها بطريقة خاطئة.

ويشرح مودومالي أن الأمر يتعلق بتجنب لمس الحيوانات الميتة في الأدغال لأن ذلك يعرض الجميع إلى الخطر، الصياد يلامس دم الحيوان الميت فيصاب بالمرض وينقله آليا إلى الآخرين. عندئذ، لن يعفي المرض أحدا، لا البائعات ولا المستهلكين ولا من يتكفلون بمعالجة الضحايا.

وباستثناء إنذار يوم 3 سبتمبر/أيلول في بانغي الذي اتضح أنه خاطئ، لم تسجل أفريقيا الوسطى أية إصابة بفيروس إيبولا الذي أودى بحياة 2800 شخص في عدد من دول غرب أفريقيا وفي الكونغو الديمقراطية، بحسب آخر حصيلة ضحايا لمنظمة الصحة العالمية.

 

الجزيرة

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا