أخذت قضايا البيئات البحرية المساحة الكبرى في حصة الدراسات التي تجريها مراكز الأبحاث والدراسات البيئية عالمياً.

وفي وقت احتلت قضية الاحترار الكوني والاحتباس الحراري على مجمل النشاطات العلمية لكثير من المراكز العلمية، وكذلك جماعات المحافظة على البيئة بكل فروعها، غير أنّ ثمة مفارقة يظهرها أحد استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخراً في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال كلية ييل لدراسة الغابات وقضايا البيئة، حينما أظهرت الإحصائية أن هناك نحو 20% من عينة الدراسة البالغة 1587 شخصاً ممن أعمارهم تتراوح بين 18 سنةً فما فوق، وكانت هذه النسبة ترفض فكرة الاحترار الكوني أو الاحتباس الحراري.

وفي الوقت الذي لا يعتقدون فيه بظاهرة الاحتباس الحراري، فإن نحو 36% من عينة الدراسة يجزمون بظاهرة الأطباق الفضائية «UFOs»، بينما الواقع يبين، ومن خلال جميع المنظمات والمؤسسات العلمية المتخصصة، بأن هذه الظاهرة الكونية تأتي ضمن أهم القضايا البيئية المقلقة في العالم منذ نحو 15 سنة، ويتوقع أن تستمر هذه الظاهرة مدة عقد آخر من السنوات، بسبب ما تمتصه البحار من أشعة الطاقة الشمسية الهائلة.

ولدينا في الخليج العربي تبدو قضية البيئة البحرية أكثر وضوحاً حينما تراجعت كثيراً أعداد الأسماك، إلى درجة أن قاربت بعض الأنواع على الاختفاء من مياه خليجنا الدافئ، وهذا يعود لعدة أسباب، ومن ذلك الدفن الجائر للبيئات البحرية، والتجاوز على الغطاء النباتي في هذه المسطحات المائية، كما أن تزايد تجاوزات الصيد الجائر للأسماك؛ إذ تمادى بعض الصيادين من العمالة الوافدة في استخدام وسائل يتم التشديد على منعها وحظرها، ومن أمثلة تلك الأدوات بعض أنواع شباك الصيد ذات الثلاث طبقات، مما يعرف بالشباك الإسرائيلي، حيث يقوم بعض من هذه العمالة بتصنيعه أو جلبه من بلدانهم، وتهريبه إلى بلداننا في انتهاك صارخ وتجاوز على ثرواتنا الطبيعية البحرية.

وبسبب التناقص الحاد في الأسماك الخليجية، زادت أسعار بعض أنواع السمك إلى ثلاثة أضعاف، فالهامور المحلي كانت أسعاره تتراوح بين 20 و 30 ريالا، حتى قفز إلى 60 و 70 ريالاً، وهكذا باقي الأسماك الأخرى شهد ارتفاعاً كبيراً أيضاً.

وضمن حلول تعويض المفقود من الأسماك في البيئة البحرية الخليجية، تم استحداث بعض مشاريع استزراع الأسماك البحرية في بعض دول مجلس التعاون الخليجي مؤخراً.

وضمن ما يعرف بالهندسة الوراثية توصلت الدراسات إلى نتائج متقدمة في مجال الاستزراع السمكي البحري؛ حيث أن هناك أنواعاً كثيرة من استزراع الأسماك مثل الاستزراع البحري للأسماك، الذي تتشكل مزرعة الأسماك من أقفاص تغمر في المياه بطرق عديدة، كما أن هناك الاستزراع البري ويتكون من أحواض على مساحات متفاوتة.

وفي تجربة لدى مملكة البحرين، تحصل إحدى الشركات الاستثمارية على الإصبعيات من مركز الاستزراع الحكومي، ثم تقوم باستزراعه في أقفاص داخل البحر، وكانت النتائج مشجعة جداً خلال ما يقارب العام حتى الآن. وفي هذه التجربة يجري التسويق لسمك السوبريم حالياً، وهو أحد أنواع الأسماك الفرنسية، التي تشابه بعض الأسماك الخليجية. كما أن هناك مرحلة استزراع سمك السبيطي المعروف بجودته، وارتفاع أسعاره، ثم سيكون الوجه لاستزراع إصبعيات سمك الهامور الأشهر في الخليج العربي.

وكم يشدو اللسان ببيت لشاعر خليجي هو أبو البحر الشيخ جعفر الخطّي، حينما يذكر سمك السبيطي في قوله (برغم المعالي والمهنّدةِ البترِ** دماءٌ أسالتها سبيطيّةُ البحرِ)، في إشارة إلى وفرة النوع الشهير، ولذلك يعول على الجهات ذات العلاقة مثل وزارة الزراعة والبنك الزراعي وعلى الغرف التجارية الصناعية وغيرها لتشجيع المستثمرين نحو استزراع الأسماك البحرية، لما يشكل من قيمة غذائية عالية وضرورية لدى أبناء الخليج ومرتاديه، ومن أجل أمن غذائي متقدم.

ليالي الفرج

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا