أكد خبراء اقتصاديات البيئة، ارتفاع تكاليف التلوث البيئي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بناء على دراسات صادرة من منظمات عالمية، وبنسبة لا تقل عن 10% من الناتج القومي لكل دولة خليجية، بشكل سنوي، حيث تنبئ هذه الدراسات الاقتصادية، بان مؤشرات الاستهلاك متزايدة لموارد العالم، نتيجة تزايد عدد السكان وتراجع إنتاج الموارد الغذائية.

وتحدث الخبراء  في ندوة مختصة باقتصاديات البيئة، بأن دول المجلس تسعى جاهدة وبشكل مستمر، إلى التقليل من الخسائر الاقتصادية المترتبة عن تكاليف التلوث، وكذلك معالجته، وفق خطط مشتركة هدفها الرئيسي التقليل من خسائر الموارد الطبيعية وضرورة المحافظة عليها للأجيال الحالية والقادمة.

وكشف الخبراء أن برنامجاً عالمياً تابعاً للأمم المتحدة خاصاً بالبيئة، يعمل جاهداً بالتنسيق مع الدول مرتفعة التكاليف البيئية، ويعمل على تفعيل اتفاقيات دولية، ركزت على الاعتبارات البيئية والاجتماعية كجزء لا يتجزأ من سياسة التنمية المستدامة، وحق الأجيال بالتنمية المستدامة وحماية البيئة، وتحمل الدول المتطورة مسؤولياتها في حال الأضرار بالبيئة.

ضرورة استغلال اقتصاديات البيئة

وأوضح الدكتور سيد الخولي أستاذ الاقتصاد بجامعة المؤسس، ونائب المدير التنفيذي لمركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا «سيداري»، بأن أي اقتصاد يهدف إلى استغلال الموارد الاقتصادية المتاحة استغلالاً أمثل، يفي بأكبر قدر من حاجات افراد المجتمع، حيث تعتبر البيئة والموارد الطبيعية فيها من أهم الموارد الاقتصادية، وهناك جزء «كبير» منها لم يساهم الجهد الإنساني في إنتاجها، ولا تخضع للملكية الخاصة، كما لا يمكن تقدير قيمة نقدية لها وهذا الجزء هو الموارد البيئية التي تشكل الوسط الطبيعي الذي يحيا فيه الإنسان ويمارس نشاطه، والذي يستحيل عليه الوجود خارجه، أو الاستغناء عنه كالماء والهواء.

أهمية الاقتصاد الأخضر

وبيّن الدكتور الخولي أن تلوث الموارد البيئية، أصبح من المشاكل ذات الأولوية في عالمنا الصناعي اليوم، مرجعا أسباب هذه المشكلة إلى النظرة القاصرة أو غير الرشيدة التي ميزت سياسات الإنتاج في الماضي، والتي لم تعتبر البيئة مورداً اقتصادياً وطنياً، ينبغي التبصر في استغلاله وترشيد استهلاكه، وأدت إلى عدم تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية، وترتب ذلك على التيقظ لأبعاد هذه المشكلة وانعكاساتها، حتى أضحت مكافحة التلوث من أهم الأهداف الوطنية للدول الصناعية، وخصصت له البرامج ذات النفقات الباهظة، وهذا الموقف الواعي أملته حقيقة كون نفقات المحافظة على البيئة من التلوث أقل بكثير من تكلفة تنقيتها بعد حدوث التلوث، أي أن الوقاية أقل ثمناً من العلاج، ولهذا وبينما يتباهى معظم البشر بالإنجازات الحضارية خلال القرون القليلة الماضية، نتيجة الاكتشافات العلمية والاختراعات التقنية، نجد هناك كثيرا من البشر ممن يعتقد أن العالم اليوم لم يتقدم بل تدهور فعلى الرغم من النمو وتراكم الثروات، إلا أن دول العالم فشلت في تحقيق أهداف الأمم المتحدة الإنمائية للألفية، خاصة تقليص الفقر والجوع بسبب الأزمات المالية وأزمات الوقود والغذاء وانحدار مؤشرات التنمية، وزاد عدد الفقراء ليفوق المليار نسمة، أي ما يعادل سدس سكان العالم، وبالتالي يحاول المجتمع الدولي ان يجدد التزامه بمعاودة المحاولة لمعالجة القضايا الأساسية، التي تواجه التنمية وأبرزها: القضاء على الفقر، والجوع، والاستدامة البيئية، باعتبارها تحديا يتطلب الإصلاح بمشاركة دولية، ومفاهيم جديدة مبتكرة، مثل الاقتصاد الأخضر الذي يربط بين النشاط الاقتصادي للبشر والنظام البيئي الطبيعي، وبالتالي معالجة اي تغيير في المسار الطبيعي لعناصر البيئة، بحيث لا ينبغي أن يأتي تطوير وتنمية الاقتصاد على حساب نظم البيئة التي تحافظ على الاقتصاد وعلى حياة البشر.

أهداف الأمم المتحدة والتقدم الاقتصادي

وأوضح الدكتور الخولي ان الاقتصاد الأخضر يتطلب تحفيزاً ودعماً من الاستثمارات العامة والخاصة لتحقيق الأهداف الإنمائية، بالإضافة إلى إصلاح السياسات وتغيير اللوائح، بحيث يحافظ مسار التنمية على الموارد الطبيعية، وفي نفس الوقت يصلح الاقتصاد من خلال تحديث قطاعات الانتاج والطاقة، وتوليد أنماط جديدة من الصناعات التنافسية، القادرة على زيادة فرص العمل.

وبين تقرير أعده البرنامج بالتعاون مع اقتصاديين وخبراء من جميع أنحاء العالم، إمكانية الانتقال إلى اقتصاد أخضر، وتحقيق أهداف الأمم المتحدة الإنمائية للألفية، وأهمها: خفض نسبة من يعانون الجوع والمحرومين من مياه الشرب المأمونة إلى النصف، عن طريق استثمار 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي كل عام، بحيث تحفز هذه الاستثمارات رفع معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط دخل الفرد، وطبقا للنماذج التي تم تطويرها في التقرير، فإن التحول إلى الاقتصاد الأخضر وتغيير الانماط الحالية في التنمية، وإعطاء الأولوية للاستثمار والإنفاق في مجالات تحضير القطاعات الاقتصادية، سيحقق معدلات نمو سنوية أعلى، فمثلا يمكن أن تؤدي زيادة الكفاءة في قطاعات الزراعة والصناعة والبلديات الى تقليص الطلب على الماء بحوالي الخمس، وكذلك ارتفاع جودة التربة وزيادة العائدات من المحاصيل الرئيسية بنحو 10%، مقارنة بالوضع في حالة استمرار الانماط الحالية.

كما يؤكد التقرير أن الاقتصاد الأخضر يعجل بالتقدم الاقتصادي ويساهم في التخفيف من الفقر، ويخلق الوظائف، ويوفر شبكة أمان تحمي من الكوارث الطبيعية والصدمات الاقتصادية، ويجنب المجتمع العديد من المخاطر مثل: تأثير تغير المناخ وتفاقم ندرة المياه وتدهور خدمات النظام الايكولوجي.

دول الخليج ودورها في مكافحة التدهور البيئي

من جهته، أوضح الدكتور عبدالباري النويهي أستاذ اقتصاديات البيئة في جامعة الفيصل، أن الدول الخليجية تعمل جاهدة على التقليل من تكاليف التدهور البيئي، وتعمل كذلك على تحويل البيئة من عنصر تكلفة إلى مورد دخل بحيث تصبح قادرة على تحقيق هذه المعادلة، مبينا في الوقت نفسه أن البيئة والتنمية توأمان ويجب أن يسيرا في طريق واحد، ولا يكون هناك تصارع فيما بينهما.

40 مليار ريال تكاليف التدهور البيئي خليجيا

وأكد الدكتور النويهي في حديثه خلال الندوة، عن ارتفاع تكاليف التلوث البيئي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بناء على دراسات صادرة من منظمات عالمية، وبنسبة لا تقل عن 10% من الناتج القومي لكل دولة خليجية، وبشكل سنوي، وتصل اجمالي التكاليف السنوية إلى أكثر من 40 مليار ريال، حيث وانه ووفقاً لهذه الدراسات الاقتصادية، فإنها تنبئ بان مؤشرات الاستهلاك متزايدة للموارد الطبيعية، نتيجة تتزايد عدد السكان وتراجع إنتاج الموارد الغذائية على اراضيها الخليجية.

خطط للتقليل من خسائر الموارد الطبيعية

وقال الدكتور النويهي إن دول المجلس تسعى جاهدة وبشكل استمراري إلى التقليل من الخسائر الاقتصادية المترتبة عن تكاليف التلوث، وكذلك معالجته وفق خطط مشتركة للتقليل، هدفها الرئيسي التقليل من خسائر الموارد الطبيعية، وضرورة المحافظة عليها للأجيال الحالية والمقبلة، وكذلك يجب النظر للحد الأمثل للتلوث والذي تتساوى فيه التكلفة الحدية للتلوث مع العائد الحدي للمورد، وهذا هو الحد الذي يمكن أن يقبله المجتمع، ولا ينطبق على الجيل الحالي فقط بل حتى على الأجيال القادمة، لذا يجب أن ننظر للتكاليف التي ممكن قياسها، والأخرى التي لا يمكن قياسها، والفرق بينهما أن التي يمكن قياسها هي التي تكون بالقياس الكمي، أي يمكن قياسها بالعملات، أما التي لا يمكن قياسها مثل التكاليف النفسية، فمثلا التغيرات في البيئة تؤثر على نفسية الإنسان وكلاهما يوجد منهم تكاليف مباشرة وغير مباشرة.

وأبان الدكتور النويهي أنه وحتى الآن لا توجد قاعدة بيانات يستطيع الخبراء تقدير اقتصاديات البيئة كونها عالية جداً بينما تنظر الحكومات الخليجية بجدية الى البيئة في ان تكون موردا بدلاً من ان تكون مستهلكا للاقتصاد، مع ضرورة تفعيل نظام البحث العلمي، فلابد ان يستغل وتستغل البحوث الموجودة بتطبيقها على ارض الواقع.

وأوضح الدكتور النويهي أن كافة دول الخليج تتبع وفق انظمتها البيئية معايير عالمية؛ لتبني مفهوم التنمية المستدامة؛ للحفاظ على الموارد الاقتصادية للأجيال القادمة، والحفاظ عليها وتوظيفها اقتصاديا واجتماعياً.

عدم إنشاء صرف صحي يكلفنا 200 مليار ريال تلوثا

وبيّن الدكتور النويهي أن هناك دراسة عن الصرف الصحي، قدرت تكاليف إنشاء شبكة صرف صحي في جميع أرجاء المملكة بـ 75 مليار ريال، وكان هناك اعتراضات بخصوص المبلغ ولكن لو حسبنا في المقابل كم ستكلف أثار عدم انشاء شبكة، ستكون في حدود 200 مليار ريال.

وقال الدكتور النويهي: إن العديد من المجتمعات الخليجية ينظر إلى أن الكثير من الناس يعتقد أن نابشي النفايات مجرد أفراد، ولكن هم شبكات منظمة، لديها مؤسسات ولديهم مستودعات رئيسية، وأخرى وسيطة، فعندما تراهم وتسأل نفسك لماذا يقومون بتجميع هذه العلب؟.

ويكمل، قمت بإعداد دراسة عن هؤلاء، فكانت المصانع التي تقوم بتصنيع العلب إما أنها تحضر ألمنيوم أو أنها تحضر مادة «أبوكسيت» والتي تقدر تكلفتها بأكثر من 6 آلاف دولار للطن المتري، بينما يأخذ الطن في العلب المستعملة 4 – 6 آلاف ريال فقط، وفي خط الإنتاج اكتشف بأن الطاقة الكهربائية اللازمة لإنتاج العلب المستعملة المجمعة توفر 95% من الطاقة اللازمة للإنتاج، والفارق الوحيد ان هناك تحتاج إلى أفران ذات حرارة عالية جداً؛ كي ينصهر الألمنيوم، بينما في إنتاج العلب المستعملة المجمعة فلا تحتاج، فنسبة الهدر الصناعي في حالة استخدام البوكسيت أو الالمنيوم تزيد على 30%، فهذه النواحي الاقتصادية للأسف غائبة عن مؤسساتنا ذات الشكل الصحيح.

ضرورة معالجة التدهور البيئي

إلى ذلك أوضح الخبير المالي محمد بن فريحان، أن السعودية بها بيئة كاملة من الشرق للغرب، وتعد من البيئات التي من الممكن ان تستثمر في كل شيء والناتج سينعكس على الناتج المحلي والدخل للمملكة، فلابد من تكاليف التدهور البيئي المرتفعة مرحلة مرحلة؛ كي نكون في عجلة التطور.

حماية البيئة والتنمية وجهان لعملة واحدة

من جانب اخر، تحدث الدكتور نايف الشلهوب مدير الإدارة العامة للتوعية والإعلام التنموي بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وكبير خبراء التوعية البيئية في المملكة، بأن حماية البيئة والتنمية وجهان لعملة واحدة، يجب أن تحمى البيئة ويجب أن تستمر في التنمية فهما تكامل لا تصادم والتوازن بينهما مطلب.

التعليم وموضوعات قديمة حول البيئة

وأردف الدكتور الشلهوب بأن دول مجلس التعاون تعمل بشكل مستمر على وضع خطط توعوية مشتركة بينها، حيث إن التوعية مقسمة إلى ثلاثة أجزاء، أولاً: التعليم الذي يشمل مناهج التعليم والأنشطة التعليمية في جميع القطاعات، فالتعليم أحد أهم الأجنحة التي تهتم بقضايا التوعية، والحقيقة أن وزارة التربية والتعليم تبذل مجهودا حيال ذلك، فقد تم إدراج قضايا البيئة في المناهج الدراسية، ولكن نحتاج إلى تطوير فالموضوعات المطروحة قديمة تحتاج إلى تحديث دوري، وثانيا: الثقافة، ونحن هنا لا نقصد الثقافة المستسقاة من الكتب العلمية المتخصصة بل من الكتب التي يستطيع أن يقرأها ويفهمها غير المختصين، ونحن نواجه مشكلة الحقيقة في عزوف الكتاب عن تناول هذه القضايا، وعدم التعرض لها سواء في الكتب أو الروايات حتى النوادي الأدبية كذلك لم نجد منها أي تجاوب فيما يخص قضايا البيئة.

إدراج مناهج للبيئة ضمن مناهج التعليم

وعن مطالبة الرئاسة بأن يكون هناك مواد مدرجة ضمن المناهج التعليمية بحيث تكون بيئية، أفاد الدكتور الشلهوب بأنهم طالبوا بذلك، والعمل حالياً على قدم وساق مع وزارة التربية والتعليم، حيث توجد دراسات في ذلك، لأن المملكة من الدول المتقدمة في هذا المجال، مقارنة بغيرنا من الدول العربية، مطالباً وزارة الثقافة والإعلام بالاهتمام بقضايا البيئة.

مكتبات الجامعات لم تستغل

وأوضح الدكتور الشلهوب أن المملكة لديها مراكز بحثية في جامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، حيث أنتجت تلك المراكز مخرجات قيمة جداً، مبيناً عدم وجود جهة في المملكة تستغل هذه الاختراعات، غير مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية فقط.

نبات «الشورى» يميز الخليج العربي

من جهة أخرى، تحدث المهندس أسامة قربان كبير خبراء البيئة البحرية والمدير العام لشركة التوازن البيئي، بأن سواحل الخليج العربي تشهد تأثيرات كبيرة على الموارد البحرية الاقتصادية، نتيجة عوامل التنمية غير المنظمة في بعض الأحيان، حيث إن البيئة البحرية في الخليج العربي تأثرت بقطع الغابات أو نباتات «الشورى»، وتتواجد الشعب المرجانية في الخليج العربي بشكل تجمعات بسبب ضحالة مياهه، وعلى عكس ذلك البحر الأحمر حيث تتواجد الشعب المرجانية فيه على شكل شريط متواصل.

ويقول المهندس قربان: «أما الخليج العربي فيمتاز ببيئته التي تختلف بعض الشيء عن البحر الأحمر كوجود نباتات «الشورى»، والتنوع الحيوي به»، مبيناً أن نباتات الشورى تأثرت كثيراً مما أثر على المخزون والإنتاج الاحيائي في المنطقة، فالتأثير غير سريع، وإنما يظهر بعد فترة زمنية طويلة من الناحية الاقتصادية والبيئية، التقطيع والإبادة كانت من فترة طويلة، والآن بدأ يظهر التأثر، فنسبة المخزون البيئي من كائنات بحرية تأثرت بذلك أيضا، وهناك ايضا مؤثرات اخرى مثل تلوث المياه سواء كيميائي او فيزيائي أو حراري.

لجنة سداسية لحماية البيئة البحرية

وبيّن المهندس قربان أن جهودا حثيثة تبذل حالياً من جهات حكومية مختلفة، حيث كانت بدايتها في موضوع التنمية الساحلية، وحالياً شكلت لجنة سداسية لأعمال الردم والتجريف من 6 جهات حكومية، هي: «الشؤون البلدية والقروية، والبلديات التابعة للمشروع، والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، ووزارة الزراعة، وحرس الحدود، ووزارة المالية، والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية»، للنظر في أي مشروع يطرح على المناطق الساحلية، ويتطلب هذا المشروع تغيير خط الساحل أو اعمال تجريف او بناء داخل المنطقة البحرية. ومن المفترض أن يكون في المملكة خطة تحت اسم «خطة إدارة المناطق الساحلية» ومن خلالها تنبثق هذه اللجنة؛ لأن الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة والبلدية يتنازعون على رئاسة الخطة.

وأشار إلى أن اللجنة السداسية هي تعمل وبشكل الهرم المقلوب ومن المفترض أن تكون هناك خطة لعملها، ولكن للأسف هي تعمل من غير خطة، لذلك هي تعاني من مشاكل كبيرة، وذكر بأن لأي خطة لابد من وجود هيكل تنظيمي وإداري، حتى تؤثر في التنمية، الآن لدينا محطات كبيرة مثل التحلية والكهرباء في جميع مناطق المملكة، تتعرض لضغوط وموانع، وتتعرض لضغوط من اللجنة السداسية، لآن ليس لديها تنظيم وليس لديهم معايير لعملية التنمية.

وعن التكلفة الاقتصادية للتلوث البحري، أفاد المهندس قربان بأنها تختلف حسب الظروف، وحسب المكان، وحسب الامكانيات المتوفرة من مكان لآخر، فعندما تكون بقعة نفط داخل البحر تختلف في التكلفة عن الأخرى في الشاطئ، وتختلف عن قربها من معدات المكافحة، غيرها عما إذا كانت قريبة من القوارب. لا توجد تكلفة ثابتة؛ لأن لكل حادثة تلوث ظروفا متغيرة، وايضا الاحوال الجوية لها دور في التكلفة، فلابد من اخذ الاحتياطات من البداية والاخذ بالخطط والاستراتيجيات؛ حتى لا تتكلف الدولة اقتصاديا في المعالجة.

البيئة في المملكة مهدرة اقتصادياً

إلى ذلك أوضح الدكتور علي عشقي خبير بيئي أن دم البيئة البحرية والبرية والجوية والتي تفرز خسائر اقتصادية باهظة الثمن ضائع حتى الآن، بين اللجان والوزارات للأسف الشديد نحن نربط الآن موضوع البيئة بموضوع لجان ووزارات.

وذكر الدكتور عشقي أن البحر الأحمر هو أطول بحر على الكرة الأرضية، يصل طوله إلى 2000 كيلو متر، ورغم طوله لكنه بحر فقير «صحراء زرقاء» نسبة الحياة بها لا تتجاوز 2- 3%، كما أن المناطق الجنوبية بالقرب من جيزان والقنفذة غنية اقتصادياً به، ويطلق عليها اسم «الرف القاري»، فهذه المنطقة واعدة جدا اقتصاديا وتنبئ بأن يكون بها في المستقبل مشاريع كبيرة جداً، والمصايد في المنطقة لا بأس بها لأنها غير عميقة، فالمنطقة غنية كذلك بالسياحة أيضا فهي تتميز بشاطئ نقي ومياه نظيفة.

وأشار الدكتور عشقي إلى ان الشعب المرجانية هي تكوينات ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها اقتصاديا، ومن المساوئ المحزنة عمليات الحفر والتجريف والردم على طول الشعب المرجانية، وعند بناء الميناء في جزيرة فرسان أبادوا كل ما هو جميل فيها وسبب ضررا للشعب المرجانية.

وعن كيفية وضع الاستراتيجيات التي تحتوي على الأنظمة والقوانين الصارمة والتوعية والخطط المدنية والمعنية لشؤون البيئة، وكيف يتم دمج الخطط التنموية في البلد، ويدخل فيها عناصر حماية البيئة، حيث ان البيئة تدخل في جميع المشاريع التنموية، وأكرر ان التوعية تكون بوجود باحثين ومتخصصين وكليات وجامعات مختصة في حماية البيئة ونشر علم البيئة في المملكة بجميع عناصرها، فنحن بالمملكة لدينا جهل كبير فيما نحتاج، مبيناً أن البحر الأحمر به حياة نباتية كبيرة، ولكن بتدمير أكبر ومتزايد، وعلى سبيل المثال اليابان لديه حوالي 700 كيلو متر مربع من الشعب المرجانية في سواحلها الجنوبية، وعدد الباحثين هناك يتجاوز 6 آلاف باحث شعب مرجانية متخصص، ولدينا في البحر الأحمر مئات من الشعب المرجانية على السواحل، وعدد الباحثين فيها قليل، وهذا ليس كافيا لإجراء الدراسات والبحوث للشعب المرجانية، ولمعرفة الوضع الرهن.. واتكلم مع الجهات المعنية لوضع أنظمة وقوانين؟.

البحر الأحمر والتنوع الاقتصادي

من جهته، أوضح عبدالله السحيباني خبير اقتصاديات البيئة ومدير المشروعات البيئية في شركة التوازن البيئي، بأن الاستثمار الاقتصادي في البيئة البحرية هنا يجب أن يكون محدودا أيضا ليس أي شيء ينفع للاستثمار اقتصادياً، وأن الشعب المرجانية لها اهمية كبيرة سواء على التنوع الاحيائي أو الاقتصادي، حتى أنها عدت أهم الغابات المطرية، حيث إن عدد الكائنات في الشجرة الواحدة في الغابات الاستوائية 100 نوع من الكائنات الحية، بينما الشعب المرجانية متوسط عدد الكائنات الحية فيها 700 نوع في المتر المربع، بالإضافة الى كمية الاكسجين التي توفرها الشعب المرجانية مقارنة بالأشجار، فهنا تأتي اهمية الشعب المرجانية، مطالباً في الوقت نفسه الجهات المختصة بالاهتمام بالشعب المرجانية فكيف لو عرفوا بتوفيرها للأوكسجين.

التنوع الاقتصادي للبحر الأحمر لم يكتشف

وبين السحيباني أن الخليج العربي فقير في التنوع، ولكن الظروف المناخية القاسية وارتفاع نسبة ملوحته، جعلت من كائناته متميزة عن الكائنات الحية التي تعيش شمال المحيط الهندي، البحر الأحمر موجود به نحو 1350 نوعا من الاسماك، وبه نحو 39 نوعاً من الأسماك غير الموجودة في أي مكان بالعالم، وإن الجانب الاقتصادي في تنوع الكائنات الحية لم يكتشف إلى الآن، متسائلاً أين العلماء والمختصون؟.

القطاع الخاص يطلق مبادرات بيئية

من جانبها، أوضحت دينا النهدي خبيرة بيئية في عدة قطاعات اقتصادية، أنه ونظراً للظروف الاقتصادية العالمية، ركز الغرب على كيفية تقليص الاستهلاك واهتم بإعادة الاستخدام وإعادة التدوير كأساليب لتنمية اقتصاديات البيئة، ونحن في دول العالم الثالث علينا أن نعمل على تبني استراتيجية ثلاثية الأبعاد (القطاع الحكومي- القطاع الخاص- القطاع المجتمعي)؛ لتمكينهم في الاقتصاد البيئي.

وبينت: نحن كقطاع خاص نقوم بدورنا في وطننا الغالي، بالقيام بدراسات واستشارات وتقييم بيئي، تعزز أنظمة الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، والتي هي وفق المعايير البيئية الدولية؛ لضمان نماء المشاريع بالطريقة البيئية الصحيحة، وأيضاً تنفيذ حلول فعالة؛ لمعالجة المياه بأنواعها، وإعادة استخدامها، لما في ذلك من تقليل استهلاك المياه، وبالتالي رفع الاقتصاد بطرق صديقة للبيئة؛ وخلال الـ١٥ سنة من العمل في المجال البيئي وجدنا سلوكيات سلبية وخاطئة كثيرة في المجتمع، والتي تؤثر على الاقتصاد بشكل كبير، وبالتالي من باب الواجب الوطني والمسؤولية الاجتماعية أطلقنا «مبادرة يد بيد الوطنية للاستدامة البيئية» لرفع الوعي البيئي من خلال عدة برامج تفاعلية، تعمل على تغيير السلوك السلبي إلى إيجابي ورفع الحس الوطني؛ منها: دورات تدريبية ومحاضرات توعوية في الاقتصاد البيئي.

أن النتائج هي: انخفاض في الاستهلاك، والتوجه إلى إعادة الاستخدام وإعادة التدوير، وأيضاً التركيز على الطاقة البديلة، وكل ذلك ظهر إيجابيا في ميزانيات القطاعات التي عملت بها، وضرورة إيجاد مركز معلومات بيئي يمكن خبراء البيئة وباحثيها من الحصول على احصائيات دقيقة ومعلومات وافية.

 

اليوم

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا