توفر هذه التقنية البيئة المثالية خلال الفترة الأولى من عمر النبات، من حيث الري والرطوبة بواسطة الصندوق المائي، الذي يسقي ويجمع مياه المطر والندى، فتتيح الزراعة في المناطق الصحراوية والصخرية.

عندما يكون السؤال حول كيفية الحصول على النبات المثالي، فماذا هناك غير محاكاة الطبيعة؟

هذا هو المبدأ الذي تقوم عليه تقنية Groasis لمخترعها الهولندي بيتر هوف مؤسس شركة «أكوا برو». وهي تقنية محاكاة بيولوجية تمثل حلاً مثالياً لزراعة الأشجار في المناطق الصحراوية والجافة والصخرية من خلال تقليد عمل الطبيعة. إذ يتيح استعمال الصندوق المائي (Water Boxx) بيئة مثالية خلال الفترة الأولى من عمر النبات.

تتيح تقنية غرو ـ أويسيس زراعة الأشجار المثمرة وغير المثمرة والشجيرات والخضراوات، مع إمكانية زراعة نوعين مختلفين من الشتول باستخدام صندوق مائي واحد. ومع أنها تتميز بتوفير هائل في استهلاك الماء والطاقة، إلا أنها ليست نظاماً للري كما قد يتبادر للبعض، بل هي نظام متكامل للزراعة يعمل على توفير البيئة المثالية للنبات منذ مرحلة البذرة أو العقلة الأولى، وصولاً إلى بلوغ مرحلة من النمو الصحيح تمكنه من الاستمرار في البيئة الطبيعية اعتماداً على قدراته الذاتية.

تتصدى هذه التقنية للهواجس الثلاثة الرئيسية التي تؤرق أي مزارع ومشروع زراعي في المنطقة العربية، وهي: المياه، النجاح والاستمرارية، الكلفة المادية. وهي تشتمل على عنصرين أساسيين: القمع الكرتوني والصندوق المائي.

الأقماع الكرتونية المستخدمة في تقنية غرو ـ أويسيس تتيح التحكم بمسار نمو الجذر الرئيسي منذ اللحظة الأولى للتشتيل والإنبات، بما يضمن الحصول على جذر رئيسي قوي وسليم يمتد عمودياً نحو الأسفل. ولا تحتاج الأقماع الكرتونية إلى أسمدة أو تركيبات خاصة، إذ تُملأ بالتربة الطبيعية التي ينمو فيها النبات، أو بتربة مأخوذة من المكان الخارجي حيث سيزرع النبات بعد التشتيل. وتبلغ سعة القمع الواحد نحو 50 مليليتراً من التراب.

وتمتاز الأقماع الكرتونية بصغر حجمها، وسهولة ترتيبها، الأمر الذي يتيح الحصول على أكبر عدد ممكن من الشتول في أقل مساحة ممكنة. وهي توضع مرتفعة عن سطح الأرض أو الطاولة أو أي سطح آخر يحملها، بشكل يسمح بمرور الهواء تحت القمع، بحيث يتوقف الجذر عن النمو عند وصوله إلى نهاية القمع وملامسته للهواء، بعد أن يصل إلى الطول المثالي (نحو 10 سنتيمترات)، من دون أن يمتد عشوائياً خارج القمع، أو أفقياً، أو يرتد الى الأعلى بخلاف المسار الطبيعي المطلوب.

بعد ذلك يؤخذ القمع من دون إخراج الشتلة منه كي لا تتعرض للتلف، ويزرع كما هو في التربة الخارجية، حيث يتحلل طبيعياً لكونه مصنوعاً من مواد عضوية طبيعية معاد تدويرها. وهذا يجعل تقنية الأقماع ذات جدوى اقتصادية، إذ لا يتجاوز سعرها ربع دولار تقريباً لكل عشرة أقماع.

أما الصندوق المائي فهو وعاء بلاستيكي بتصميم خاص، في منتصفه فتحة تتيح زراعة شتلتين (قمعين) من النوع نفسه أو من نوعين مختلفين. وهو يوفر بيئة مثالية للشتول خلال المراحل الأولى من نموها في التربة الطبيعية الخارجية، سواء من حيث حاجتها إلى المياه، أو الحفاظ على رطوبة سطح التربة، أو حمايتها من أشعة الشمس المباشرة.

يُملأ الصندوق بالماء مرة واحدة فقط عند الزراعة، بنحو 16 ليتراً. وقد أثبتت الزراعات التي تم إجراؤها باستخدام الصناديق المائية أن هذه الكمية المحدودة تكفي حاجة النبات حتى في أكثر مواسم الصيف حرارة. ويقوم الصندوق بتزويد النبات بالمياه من خلال فتيل من النسيج يمتد من أسفله الى داخل التربة. فيضمن تزويد النبات بكمية من المياه تحميه من العطش والجفاف، مع المحافظة على نشاط الجذر واتجاه نموه عمودياً داخل التربة بحثاً عن مصادر المياه الذاتية، من دون أن يعتريه الخمول أو الاتكال على ما يمده به الصندوق. وقد صمم الغطاء العلوي للصندوق المائي بطريقة تسمح بتجميع زخات عابرة للمطر، وتجميع قطرات الندى المتكونة في ساعات الفجر والمساء. ويتيح اتجاه فتحته (شرق ـ غرب) للنبات التعرض لأشعة الشمس الخفيفة في ساعات الصباح وبعد الظهر، من أجل عمليات التمثيل الضوئي وإنتاج الغذاء، وفي الوقت نفسه تظليله وحمايته من أشعة الشمس الشديدة المباشرة في ساعات الظهيرة. وعلى غطاء الصندوق نقش لبوصلة تساعد المزارع كي يضع الصندوق المائي في الاتجاه الصحيح عند تثبيته في التربة.

يستمر الجذر بالامتداد عمودياً طوال فترة استخدام الصندوق المائي، من دون تكوين أوراق وأغصان كثيفة، وذلك لأن كمية المياه التي يزودها الصندوق تكفي للحفاظ على النبات من العطش والجفاف. وعند بدء النبات إنتاج أوراق وأغصان كثيفة خارج التربة، فذلك مؤشر على أن الجذر وصل إلى مصدر ذاتي للمياه داخل التربة، وبدأ بالحصول على كميات أكثر مما يزوده الصندوق المائي. فيكون النبات قد بلغ مرحلة من النمو والثبات تؤهله لمواصلة العيش والنمو بالاعتماد على قدرته الذاتية. ويمكن عندئذ إزالة الصندوق المائي بسهولة لاستخدامه في موضع آخر.

يمتاز الصندوق المائي بالوفر الكبير في استهلاك مياه الري (20 ليتراً في مقابل 700 ليتر لبعض أنواع النباتات)، وكذلك توفير أثمان الطاقة اللازمة لتشغيل مضخات الري.

تقنية غرو ـ أويسيس سهلة الاستخدام، إذ يستطيع العامل العادي تعلم استعمال الأقماع الكرتونية والصناديق المائية خلال دقائق. وقد أنشأت شركة أكوا برو «أكاديمية غرو ـ أويسيس» ومقرها هولندا، حيث تستضيف بمنح سنوية مجانية أو بمقابل رسوم رمزية متدربين من جميع دول العالم التي تستخدم أو ترغب باستخدام هذه التقنية. وهي تقدم تدريباً على الزراعة باستخدام بيوت غرو ـ أويسيس الزراعية قيد التطوير، وتمنح طلابها شهادات تخولهم أن يكونوا مدربين معتمدين على هذه التقنية في بلدانهم.

 

صحيفة الوسط البحرينية

تعليق واحد

  1. السلام عليكم , كيف يمكن لنا الحصول على هذه التقنية وكم يبلغ سعر الصندوق المائي الواحد ؟ 
    مع التقدير 

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا