يشكل الماء المصدر الأساسي للحياة، والعنصر الأول لاستمرارها، ليس فقط بالنسبة لجميع المخلوقات، بل ولكل الأنشطة البشرية . ومن ثم كان الحفاظ على الماء من أهم ما يمكن أن يقوم به الإنسان لتفادي مشكلة نقص المياه على المستوى الأعم، أو على الأقل تخفيف حدتها .
ويمكن المحافظة على المياه من خلال صيانة دورية للتسريبات المائية في المنازل، واستخدام أدوات لترشيد استهلاكها، وبناء المنشآت اللازمة لمعالجة المياه الملوثة التي تفرزها المنشآت الصناعية، ومياه الصرف الصحي، كما أن لصيانة مواسير توزيع المياه دوراً مهماً في تقليص هدرها .

دارين رينولدز، أستاذ الصحة والبيئة في جامعة غرب انجلترا في بريستول، أحد الباحثين المتبنيين لفكرة تغيير الطريقة التي نتبعها في نقل المياه عبر الأنابيب، للتخفيف من وطأة المشكلة التي تعانيها بلدان كثيرة حول العالم .

ففي ،2010 أعلنت الأمم المتحدة أن الماء من حقوق الإنسان الأساسية، على الرغم من تقديرات منظمة الصحة العالمية، التي ذكرت أن أكثر من مليار إنسان محرومون من مياه الشرب النظيفة، وأكثر من ثلث سكان العالم يفتقدون إلى وسائل الصرف الصحي الأساسية .

وانصرف اهتمام المسؤولين عن بنية المياه التحتية، فخلال العام الفائت، بحسب مجلة “نيوساينتست”، فقد نهر التايمز الذي يزود لندن وأجزاء من جنوب شرق انجلترا بالمياه، فقد 646 مليون لتر من مياهه يومياً، تسربت من أنابيبه البالغ طولها 31 ألف كيلومتر، وهي كمية تكفي لسد حاجة 3 ملايين نسمة من الماء . وقدرت الشركة القائمة على شبكة الأنابيب أن تكلفة استبدال الشبكة تتجاوز 12 مليار جنيه إسترليني .

وأشارت التقديرات إلى أن المياه تتسرب من 240 ألف أنبوب سنوياً، وفي حادثة نادرة وقعت مؤخراً، تحطم أحد الأنابيب في لوس أنجلوس، وتسرب منه 90 مليون لتر من الماء ليغرق شارع Sunset Boulevard في الجزء الغربي من الولاية وأحد مباني جامعة كاليفورنيا .

وفي تقريرها للكونغرس العام الفائت، ذكرت هيئة حماية البيئة أن ما يقرب من 384 مليار دولار من إجمالي المبلغ المخصص لاستثمارات البنية التحتية مطلوب لضمان إيصال مياه الشرب عبر الولايات المتحدة خلال العقدين المقبلين . ويرى البعض أن المبلغ قد يتجاوز هذا الرقم، مع الأخذ في الاعتبار تكاليف حماية موارد المياه من التقلبات الجوية المتوقعة مستقبلاً .

وبحسب الباحث في أسواق المياه برنت جايلز من شركة Lux الدولية للأبحاث فتكلفة إصلاح أنابيب المياه باهظة لكنها في الوقت ذاته، أي الأنابيب، تمثل خطراً على الصحة العامة عندما يضغط فيها الماء إلى درجة معينة تبدأ عندها حركة ما فيه من كائنات وأجسام ضارة . وتسوء المشكلة إذا وضعت أنابيب المياه النظيفة بجانب أنابيب الصرف الصحي .

وذكرت دراسة نرويجية في 2007 أن تسرب الماء عبر الأنابيب كان سبباً في إصابة كثيرين بأمراض الجهاز الهضمي، كما عزت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية الأمريكية أكثر من 30 مرضاً إلى المياه الملوثة في مواردها العامة .

وما يتم من إصلاحات حالية لا ترقى إلى المستوى المطلوب، وسعياً وراء مكافحة الميكروبات الضارة أضافت الشركات الخدمية في الولايات المتحدة وبريطانيا كميات ضئيلة من الكلور للمياه المعالجة، وأثار ذلك مخاوف كثيرة بسبب ما ارتبط بالكلور من أمراض منها سرطان المثانة والتشوهات الجينية . وبهدف القضاء على تسرب المياه من أنابيبها بسرعة وفاعلية أكبر، تعكف شركات مثل IBM، على تطوير أنظمة تحكم في الماء أكثر تطوراً يمكنها مراقبة معدل تدفق الماء واتخاذ رد فعل مناسب في حال انخفض مستوى تدفقه .
ونجحت شركة Quest Inspar في هاوستون في تكساس في تطوير روبوتات تنقب داخل مواسير المياه عن تسريبات، وإصلاح الشقوق باستخدام مواد لاصقة . ويرى رينولدز أن هذه حلول لابأس بها، لكن الأفضل منها إعادة التفكير في سبل التعامل مع المياه .

الخليج

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا