يحتم شح المياه في الأردن بذل جهود كبيرة للحفاظ على كل قطرة مياه. وعدا عن ندرة الموارد المائية، يعتبر التلوث أحد الأسباب الرئيسية التي تحد من إمكانية توافر المياه الصالحة للاستخدام للأغراض المختلفة. ويعمل الأردن على حماية مصادره المائية المتاحة من خلال تنفيذ برامج مراقبة لنوعية المياه واستخدام نتائجها في اتخاذ القرارات المطلوبة لحماية هذه المصادر.طوّر المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا والجمعية العلمية الملكية نظام مراقبة يتضمن تكنولوجيا حديثة ومتطورة للمراقبة والحماية البيئية، من خلال منحة من الحكومة اليابانية عن طريق وكالة التعاون الدولي اليابانية (جايكا). وتمت الموافقة على دعم وإنشاء “نظام لمراقبة تلوث المياه”، يتكوّن من نظام رصد لنوعية المياه أوتوماتيكياً في الوقت الحقيقي وعن بعد من خلال شبكة حاسوبية. وعملت الحكومة اليابانية ممثلة بجايكا على تمويل نفقات إنشاء هذا النظام، بما في ذلك توريد الأجهزة وعمليات إنشاء المحطات الميدانية والشبكة الحاسوبية وتدريب العاملين على المشروع في تشغيل النظام وصيانته. ولتنفيذ أهداف المشروع وتحقيق استدامته، قام المجلس الأعلى والجمعية العلمية بإنشاء الوحدة المركزية للرصد والبحث البيئي في حرم الجمعية العلمية الملكية.

تعمل الوحدة المركزية على إدارة وتشغيل وصيانة “المشروع الوطني لمراقبة نوعية المياه في الوقت الحقيقي وعن بعد”. وهي توفّر البيانات الخاصة بنوعية المياه في الأردن من خلال قاعدة بيانات بيئية، يمكن الوصول إليها من خلال شبكة الانترنت لتيسير وتعظيم الاستفادة من تلك البيانات بشكل سريع وذي مصداقية. وتوضع البيانات في تصرّف الجهات المعنية بتطبيق القوانين والأنظمة البيئية وصانعي القرار في المؤسسات الحكومية، بالإضافة إلى المزارعين والأكاديميين والباحثين في الجامعات والمراكز العلمية، كما يمكن الوصول إليها من المواطنين عامة.

يشتمل النظام على 13 محطة رصد ميدانية موزعة على أهم المصادر المائية السطحية في الأردن، والتي تشمل المواقع الحدودية مثل نهر اليرموك ونهر الأردن، وكذلك قناة الملك عبدالله التي تعتبر المغذي الرئيسي للأغوار، إضافة إلى سيل الزرقاء وسد الملك طلال.

تتكون كل من محطات الرصد الثلاث عشرة من حاوية حديدية مكيفة تحتوي على ثلاث مجموعات من الأجهزة الخاصة بالتحاليل الفيزيائية والكيميائية للمياه، بالإضافة إلى كومبيوتر مثبت داخل المحطة ومتصل بالأجهزة.

يتم قياس ثلاث مجموعات من التحاليل: الأولى، درجة الحرارة، درجة الحموضة، الايصالية الكهربائية (الملوحة)، العكورة. الثانية، النيتروجين الكلي والفوسفور الكلي. الثالثة، الأوكسيجين المتطلب كيميائياً.

وتعمل هذه المحطات أوتوماتيكياً عن طريق الأجهزة المزودة بداخلها، التي تقوم بسحب عينات المياه بمعدل عينة كل ساعة من المصدر المائي وإجراء التحاليل الفيزيائية والكيميائية عليها، وإرسال النتائج عبر الشبكة الحاسوبية إلى قاعدة البيانات في مقر الوحدة المركزية في الجمعية العلمية الملكية.

ويهدف نظام المراقبة إلى تجميع وإعداد البيانات المتعلقة بنوعية المياه في المصادر السطحية الرئيسية في المملكة وتقييمها. وكذلك تجميع البيانات المتعلقة بنوعية المياه في الأردن في مكان واحد، مما يدعم عمليات أخذ القرارات من خلال التوفير الآلي للبيانات ومن خلال نمذجة الأنظمة المائية.

يوفر النظام البيانات في الوقت الحقيقي ليساعد في أخذ القرارات السريعة، كما يمكّن من الحصول على البيانات من أي مكان في العالم من خلال شبكة الانترنت، مما يساعد في تعزيز فرص التعاون والتشاركية محلياً وعربياً ودولياً. وهذا النظام أكثر دقة من الأنظمة التقليدية، حيث أن احتمالات الأخطاء الناتجة عن العامل الانساني أقل. كما يتيح حفظ البيانات على المدى البعيد، ويعتبر أساساً لأنظمة مراقبة بيئية أخرى.

يعتبر نظام مراقبة نوعية المياه عن بعد مثالاً جيداً لكيفية تطويع التقدم في تكنولوجيا المعلومات لخدمة القضايا البيئية. وهو ذو فائدة كبرى في منطقة تعاني شحاً في المياه وتدهوراً في نوعيتها.

فداء جبريل وفاروق العمري – الجمعية العلمية الملكية، الأردن

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا