على أبواب الشتاء تقف القرى الغربية لمحافظة رام الله والبيرة أمام مشكلة قديمة جديدة؛ وهي المكبات العشوائية للنفايات الإسرائيلية التي تنتشر بالقرب من المنازل وبين الحقول الزراعية وخاصة حقول الزيتون.

بداية المشكلة
قبل بضع سنوات انتشرت ظاهرة المكبات العشوائية  للنفايات الاسرائيلية في “القرى الحدودية” على أراضي معظم القرى الحدودية من شمال الضفة الغربية إلى جنوبها، وقد أوقفت في معظم المناطق بالتعاون بين المجالس والبلديات وسلطة جودة البيئة وتكاتف الأهالي.

وقد حدث ذلك أيضا في قرى غرب رام الله، إلا أن المشكلة ما زالت قائمة في قرية رنتيس التي أغلق فيها مكب في سنة 2011، إلا أن صاحب المكب وفي إصرار عجيب على إلحاق الضرر بالإنسان والحيوان والنبات عمد إلى فتح مكب آخر وسط حقول الزيتون في المنطقة الجنوبية من القرية، تحضر اليه الشاحنات الاسرائيلية المحملة بالنفايات وصور الأشعة تحت جنح الظلام ليتم حرقها وطمرها في محاولة منه لإخفاء بعض آثار الجريمة أو تغيير طبيعة المواد الملقاة، وهذه العملية مستمرة حتى لحظة إعداد هذا التقرير، وإن خفت وتيرتها قليلا، ربما بسبب دخول فصل الشتاء وصعوبة وصول الشاحنات إلى الوادي حيث المكب.

في قرية نعلين ومن خلال حديثنا مع البلدية أكدت لنا أن عملية احضار النفايات الاسرائيلية توقف منذ قرابة العشر سنوات، وقد تم طمر تلك النفايات بالتراب، كحل وحيد للمشكلة، وكذلك الأمر في قرية شقبا التي ما زال أثر التلوث قائما فأكوام النفايات تكاد تخنق وادي الناطوف الذي يعتبر من أقدم الحضارات في تاريخ البشرية.

المشكلة مستمرة
في رنتيس ما زالت المشكلة مستمرة، وما زالت الشاحنات الضخمة تفرغ حمولتها من النفايات الاسرائيلية وسط حقول الزيتون، بالإضافة لمشكلة أخرى أكثر خطورة وهي احضار صور الأشعة الاسرائيلية أيضا وحرقها في فرن بدائي وبطريقة كارثية.
تقصير واضح

ما يفاقم المشكلة في قرية رنتيس تحديدا هو أن المجلس القروي غير مدرك لحجم الكارثة البيئية وغير آبه لما يحدث رغم أنه على علم بالمشكلة، وبعض أعضائه وحتى رئيسه يسكنون بالقرب من المكب أو يملكون حقول زيتون قريبة منه، ولم يرفعوا حتى شكوى للمحافظة أو لسلطة جودة البيئة فقد أكد لنا المهندس ثابت يوسف مدير مكتب رام الله والبيرة في سلطة جودة البيئة، عدم تلقيه سوى شكوى واحدة من أحد المواطنين ولم يتلق ولو مجرد اتصال من المجلس القروي. اللوم أيضا يقع على أهالي القرية الذين لم يتحركوا لإيقاف هذه الكارثة ووضع حد لها وللمنتفعين منها بغية الحفاظ على بيئتهم نظيفة وخالية من مخلفات الاحتلال ونفاياته المدمرة.

رسميا
عند توجهنا إلى محافظة رام الله والبيرة لسؤالها عند دورها في وقف الكارثة وإغلاق المكب، أبلغونا أنهم لم يتلقوا أي بلاغ أو شكوى حول المشكلة ولا علم لديهم بالمشكلة في رنتيس، سوى موضوع حرق صور الأشعة الذي تناولته آفاق البيئة والتنمية في تقريرها السابق حول الموضوع( العدد 69، نوفمبر 2014، وأكدت المحافظة أنها على تواصل مع سلطة جودة البيئة لإيقاف هذه الكارثة.

وبحسب المهندس يوسف فقد قامت سلطة جودة البيئة ولجنة السلامة العامة في محافظة رام الله والبيرة بإغلاق المكب الأول في رنتيس سنة 2011، وقبله في نعلين وشقبا وقد نال أصحاب تلك المكبات عقابهم من السجن أو الغرامات. ويضيف المهندس يوسف نيتهم القيام بزيارة لرنتيس وزيارة أخرى خلال أيام للمكب الجديد لوضع حد للمشكلة بالتعاون مع لجنة السلامة العامة في المحافظة، ويأمل المهندس يوسف أن يلاقي تعاونا أكثر من المجلس القروي والمواطنين لإغلاق المكب والحفاظ على البيئة.

الطبيعة تحتضر
على امتداد الطريق الزراعي الواصل بين قريتي رنتيس وشقبا؛ تتراكم أكوام من النفايات الاسرائيلية التي لا تعرف طبيعتها، فالظاهر مخلفات بناء لكن ما تم طمره وإخفاؤه من قبل أصحاب المكب لا أحد يعرفه، فقد كانت الشاحنات تفرغ حمولتها ليلا ويتم حرق محتواها وطمره بمخلفات البناء، حتى باتت المنطقة تمتلىء بالنفايات التي وصلت إلى قلب حقول الزيتون والقمح كإطارات الشاحنات، وأكياس البلاستك، وعلب الدهان وغيرها.

على أمل
تنتظر الطبيعة في رنتيس جهود سلطة جودة البيئة ولجنة السلامة العامة وكل المعنيين بموضوع الحفاظ على البيئة لوقف تلك الكارثة الحقيقية وإغلاق تلك المكبات ووقف تلك الشاحنات الاسرائيلية القاتلة.

إذا نحن أمام مشكلة قائمة ومستمرة، تحتاج إلى حل سريع وجهد مشترك بين الاهالي والمجلس القروي والجهات الرسمية المعنية بالموضوع.

 

أفاق البيئة والتنمية

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا