طوّر علماء من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية “كاوست”، تقنية غير مكلفة وصديقة للبيئة، يمكنها أن تضيف خاصية طرد السوائل للمواد التقليدية؛ بحيث يكون لها استخدامات متنوعة؛ مثل: خفض مقاومة الأجسام للماء، ومقاومة نمو وترسب الفطريات والمواد غير العضوية.

وتستخدم هذه التقنية التي أطلق عليها مصطلح (omniphobicity) أي طارد للسوائل، في مجموعة من العمليات الصناعية، للحدّ من ترسب الفطريات والمواد غير العضوية، وخفض مقاومة الماء في أغشية التقطير، وصناعة المواد المقاومة للماء، وكذلك في عملية فصل الماء والزيت، التي يعتمد إنتاجها -الطبقات المقاومة- بصورة عامة على عملية طلاء الأسطح بالفلوريد العضوي، وهي عملية غير مجدية بصورة كافية؛ نظراً لعدم تحمل مثل هذا الطلاء للظروف البيئية والكيميائية القاسية، وارتفاع تكلفته والآثار الصحية والبيئية المترتبة على استخدامه.

وعكف الباحث الدكتور هيمانشو ميشرا وزملاؤه من مركز أبحاث تحلية وإعادة استخدام المياه في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، على إيجاد طريقة مجدية لجعل المواد التقليدية -مثل البلاستيك والمعادن- مقاومة للسوائل؛ من خلال دراسة حلول مستوحاة من الطبيعة؛ حيث قاموا أولاً بدراسة بنية الأنماط الصغيرة (microtextures) التي تتألف من أعمدة مزدوجة التشابك، مستوحين الفكرة من دراسة لفريق بحثي من الولايات المتحدة في عام 2014، التي أثبتت أن لهذه الأعمدة قدرة غير مسبوقة على طرد السوائل في الهواء؛ حتى في المواد الرطبة سلفاً.

وقال الدكتور “ميشرا”: “إن فريق البحث قرر التحقيق في بنية الأنماط الصغيرة؛ حيث تَبَيّن بعد التجربة أن الأسطح الرطبة عند دمجها مع بنية الأعمدة الصغيرة مزدوجة التشابك تصبح فعلاً مقاومة للسوائل في الهواء؛ ولكنها في نفس الوقت تفقد بنيتها بشكل كارثي في صورة تلف أو ضرر موضعي أو عند الانغماس في السوائل؛ لهذا قام الفريق بالبحث عن حلول من الطبيعة عبر دراسة تركيبة جلد الكهدليات (قافزات الذيل springtails)، وهي حشرة من مفصليات الأرجل تعيش في التربة والبيئة الرطبة”؛ لافتاً إلى أن سطح جلد الكهدليات يحتوي على تجاويف مزدوجة التشابك، تساهم في إبقائها جافة؛ حيث تمنع طبيعتها المجزأة أي فقدان لخاصية طرد السوائل حتى في وجود تلف أو ضرر أو عيب موضعي أو عند الانغماس في السوائل.

وأوضح أن الباحثين قاموا بنسخ تصميم جلد هذه الحشرات على أسطح من مادة السيلكا باستخدام أدوات الطباعة الحجرية والحفر الجاف في مختبر تصنيع النانو الرئيسي في الجامعة؛ مستفيدين من قدرة التجاويف مزدوجة التشابك الصغيرة على حجز الهواء ومنع اختراق السوائل، حتى تحت الضغط المرتفع.

وختم “ميشرا”: “بعد أن أثبتنا صحة مفاهيمنا؛ نخطط الآن لنقل عملية التصنيع من المختبر إلى الورشة المركزية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، لإنشاء نمط التجاويف مزدوجة التشابك الصغيرة على المواد التقليدية، مثل مادة البولي إيثيلين تيريفثالات، والفولاذ منخفض الكربون؛ بحيث يمكن استخدامها بفاعلية في تطبيقات المقاومة الهيدروديناميكية (خفض مقاومة الأجسام للماء)، ومقاومة نمو وترسب الفطريات والمواد غير العضوية”.

سبق

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا