يروي السكان الأقدمون للقطب الشمالي أن الدب القطبي لم يكن يجول في مناطق جنوبية بات يشاهد فيها حاليا، في مؤشر على ما يمكن أن تكون عليه الانعكاسات الأسوأ للاحترار المناخي.


في الآونة الأخيرة، دب الذعر بين سكان قرية كوجوارابيك الواقعة في الدائرة القطبية الشمالية من الأراضي الكندية قرب خليج هدسون، فقد شوهد دب أبيض في المنقطة، ثم شوهد دبان في وقت لاحق تصدى الرجال لهما بأسلحتهم وأردوا أحدهما، في حادث لم يكن يتصور في ذهنهم من قبل.

إثر ذلك، قرر السكان منع أطفالهم من الخروج خارج حدود القرية التي يقطنها 1500 شخص من جماعة الاسكيمو، والواقعة على مسافة 1800 كيلومتر إلى الشمال من مونريال.

ويقول اليك تاكاتوك أحد الصيادين المعمرين المقيمين في القرية القطبية “في العشرينيات من القرن الماضي، حين كنت صغيرا، لم نكن نعرف الدببة القطبية سوى في القصص، لكنها الآن باتت تقترب منا بأعداد متزايدة”.

والدب القطبي هو الحيوان المفترس الأكبر في العالم، وبات يغامر في التجول في الأراضي الجنوبية من القطب الشمالي في الآونة الأخيرة.

ويعود السبب في ذلك إلى انحسار مساحة الجبال الجليدية التي كان يصطاد فيها الفقمة عما كانت عليه في ماضي الأيام.

ويقول الصياد المسن “باتت فصول الشتاء أقصر، والصيف أطول، وبتنا نعيش سبعة أشهر من السنة بدون ثلج”.

ويذكر اليك تاكاتوك أن ارتفاع درجات الحرارة بدأ “في منتصف الثمانينيات”، مع بدء ذوبان الأراضي التي كانت تبقى متجمدة على مدار العام.

ومع أن ارتفاع درجات الحرارة قد تكون له بعض المنافع على سكان الشمال، مثل تسارع وتيرة نمو المزروعات، وازدياد أعداد الأسماك في خليج هدسون، إلا أن ذلك يقلق العلماء.

ويقول فلوران دومين الباحث في جامعة لافال في كيبيك “إن ذلك قد يشكل قنبلة مناخية”.

ويضيف “إن استمر ذوبان الغطاء الجليدي الدائم بوتيرة مرتفعة، فإن جزءا من الكربون المخزن فيه سينبعث في الجو بشكل غاز ثاني أكسيد الكربون، مفاقما بذلك الاحترار المناخي الناجم عن غازات الدفيئة”.

ويوضح أن نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغطاء الجليدي الدائم مضاعفة عما هي عليه في الجو، وإن هذا الأمر لا يلحظه العلماء في نماذجهم المصممة لتوقع التغيرات المناخية.

ومع أن علماء المناخ يقولون إن أسوأ الاحتمالات هي أن ترتفع الحرارة أربع درجات أو خمس بحلول العام 2100، إلا أن فلوران دومين يتوقع أن يصل الارتفاع إلى ثماني درجات، آخذا بعين الاعتبار الأثر الناجم عن ذوبان الغطاء الجليدي الدائم وانيعاث ثاني أكسيد الكربون منه، والذي يهمله العلماء عادة في توقعاتهم.

في ظل ذلك، يبدو أن الاحترار المناخي دخل في حلقة مفرغة متسارعة في الطقب الشمالي، بحيث “لم يعد أمام السكان إلا أن يتكيفوا مع الواقع الجديد”، بحسب الصياد اليك تاكاتوك.

ومن هذا الواقع الجديد، أن يتعايش السكان مع الدب القطبي المتجه جنوبا بحثا عن الطعام، بعدما أتى الاحترار المناخي على طبيعة أجزاء واسعة من موطنه الطبيعي.

 

أ.ف.ب

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا