تعتبر الأخطار الطبيعية من أقسى التهديدات التي تتعرض لها نُظُم المعلومات والاتّصالات لأنها تضرب مُكوّنات أساسيّة تشمل المباني التي تحتوي تلك النُظُم وشبكاتها.

وتشمل قائمة تلك المخاطر الطبيعية، الزلازل والأعاصير والحرائق والفيضانات والانهيارات الأرضية الكبيرة. وقدّرَت خسائر الإعصار «غونو» الذي ضرب سواحل سلْطَنة عُمان في العام2007، بقرابة 50 قتيلاً و30 مفقوداً، إضافة إلى 3.9 بلايين دولار. وبالمثل، بلغت خسائر الفيضانات التي أصابت المملكة العربية السعودية في العام 2013 قرابة 20 قتيلاً ومفقوداً، إضافة إلى 400 مليون دولار.

وفي هذا السياق، دعت «كلية عبرى للعلوم التطبيقية» في سلْطَنة عُمان الدكتور سلطان سالم اليحيائي، رئيس «قسم التنبؤات العدديّة» في «هيئة الأرصاد الجوية العُمانيّة»، إلى إلقاء محاضرة عن نُظُم الإنذار المبكّر المتعلقة بالكوارث الطبيعية في السلْطَنة.

واستهل اليحيائي محاضرته بالتأكيد أن استخدام المعلومات في إنذار المواطنين مبكّراً عند الخطر، لا يقل أهمية عن تناول الطعام والماء. وعدّد اليحيائي مصادر المخاطر الطبيعية والكوارث غير الطبيعية، مشيراً إلى أنها تشمل الحرائق والتلوث وانهيار المباني والمنشآت الحيوية، وانقطاع الكهرباء وتوقّف محطات توليدها، وتسرّبات الغاز والبترول وغيرها.

ويندرج في قائمة المخاطر التي يجب التنبؤ بها والتحذير منها مبكّراً، العواصف والأعاصير والفيضانات. وعرض اليحيائي صوراً للدمار الذي خلّفه إعصارا «غونو» و «فيت» في السلْطَنة. كما استعرض نظاماً حاسوبيّاً للمحاكاة الافتراضيّة للأعاصير، وهو يساعد في دراستها والتنبؤ بسرعتها وقوتها التدميرية، وتحديد اتجاهها والوقت المحتمل لحدوثها.

واستخدم اليحيائي نظام المحاكاة عينه كي يوضح طُرُق دراسة الزلازل والأعاصير والتنبؤ بها، مشيراً إلى أهمية المعلومات الدقيقة عن حركة السفن والأمواج. وشرح الطريقة التي استخدِمَت في التنبؤ بحدوث زلزال في أندونيسيا أخيراً، مشيراً إلى أنها استندت إلى معلومات جاءت عن طريق شبكات الاستشعار التي تقيس الارتفاع في درجات الحرارة عن المستوى المعتاد، مع ما يرافقه من حركة زائدة في الأمواج. واعتبر ذلك دليلاً على أهمية قواعد البيانات ونُظُم المعلومات الدقيقة.

7 ساعات للإعصار

وأشار اليحيائي أيضاً إلى أن نُظُم الإنذار المبكّر وما يتعلق بها من قواعد بيانات ونُظُم معلومات، تملك أهمية خاصة بالنسبة الى السلْطَنة، نظراً الى كونها عرضة لأعاصير تأتيها من أندونيسيا وإيران. وبيّن أن متوسط الوقت الذي يحتاجه الإعصار للوصول من أندونيسيا إلى سلْطَنة عُمان، يقارب 7 ساعات.

وذكّر اليحيائي بأن نظام الـ «جى بى إس» الشهير، جمع بيانات تشير إلى أن كتلة الأراضي العُمانية تتحرك مقتربة من شواطئ إيران بمعدل 19 ملليمتراً كل عام. ويزيد ذلك التحرّك الضغط على الطبقات الجيولوجية، ما ينذر بإمكان حدوث زلازل ضخمة مستقبلاً.

وكذلك أشار اليحيائي إلى أن دراسة التغيرات الناجمة عن زلزال حدث في باكستان، تعطي معلومات تمكّن من توقّع وصوله إلى عُمان خلال ساعة، ما يساعد على إطلاق إنذار عام لتجنّبه.

ونبّه اليحيائي إلى أن توعية المواطنين مبكّراً بمخاطر الكوارث الطبيعية وكيفية التعاطى معها، تمتلك أهمية كبيرة عندما يتعذّر التنبؤ بالخطر قبل وقت كاف. واستطراداً، يتيح الوقت الفاصل عن حدوث كارثة طبيعية، استخدام نظام تحليل المخاطر في الحصول على معلومات أساسية لوضع خطّط للتعامل مع الكارثة والتعافي منها، إضافة إلى توعية المواطنين بصدد الأماكن الآمنة والخطرة.

وأوضح أن السلْطَنة تخطط لاستخدام المساجد في توعية المواطنين وتحذيرهم عند الخطر. وشدّد على أهمية تنظيم تمارين إخلاء المواطنين عند الخطر، مشدّداً على أهميتها في تقليل الخسائر.

وبيّن اليحيائي أن نُظُم التوقّع عينها تستخدم أيضاً في وضع خطط الحدّ من الآثار السلبية للأعاصير والفيضانات والزلازل. كما تستخدم في تخزين الخبرات المكتسبة من مواجهة تلك الظواهر الطبيعية، إضافة إلى دراسة آثارها الاقتصادية والاجتماعية والبيئيّة. كما توفّر تلك النُظُم معلومات تستخدم في تخطيط المُدُن، وتصميم المنشآت والبنية الأساسية بطرق تمكّن من الصمود في وجه تلك الظواهر المدمرة، وفق شروح اليحيائي.

وقدّم بعض النصائح المتّصلة بمواجهة الحالات الخطرة، كتجنب الشواطئ وعدم الانهماك في التصوير، لأن الموجة الثانية من الإعصار أو الفيضان ربما تكون أقوى من الأولى.

وبين اليحيائي أيضاً أن السلْطَنة تتعاون مع دول مجاورة في مجال التنبؤ بالكوارث الطبيعية وإنشاء نُظُم للإنذار المبكّر. وختم محاضرته بعرض فرص التعاون في مجال البحث العلمي في مجالات تشمل نُظُم المعلومات الجغرافية، ونُظُم دعم القرار، وقواعد البيانات المكانية، ونُظُم أمن المعلومات وغيرها.

الحياة

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا