يقول الباحثون وخبراء الصناعة في جامعة نيو ساوث ويلز إن تطوير وقود الطائرات المستدام (Sustainable Aviation Fuel) (SAF) أمر بالغ الأهمية لجعل الطائرات أكثر نظافة وخضرة في المستقبل.

وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، شكلت صناعة الطيران 2.5% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة على مستوى العالم في عام 2023.

هذا يعني أن هناك تحدياً كبيراً، وهو أمرٌ تُدركه الصناعة، ويتمثل هذا التحدي في التحول، لا سيما فيما يتعلق بتزويد الطائرات بالوقود، لتحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفرية وبناء مستقبل منخفض الكربون.

أحد الحلول المحتملة هو تطوير وقود الطائرات المستدام كبديل أنظف، نظراً لحقيقة أنه يمكن أن يقلل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنحو 70-80٪ مقارنة باستخدام وقود الطائرات التقليدي.

مزايا وقود الطائرات المستدام

من أهم فوائد وقود الطائرات المستدام (SAF) تطابق خصائصه الفيزيائية والكيميائية تقريباً مع وقود الطائرات التقليدي الذي يعمل بالكيروسين، والمشتق من البترول، وهذا يعني إمكانية خلط وقود الطائرات المستدام مع وقود الطائرات العادي دون أي تأثير على الأداء، حيث تسمح اللوائح الحالية بخلط يصل إلى 50%.

كما يمكن توفير وقود الطائرات المستدام عبر البنية التحتية الحالية، واستخدامه في الطائرات دون الحاجة إلى تعديل الهيكل الأساسي للطائرة أو خزانات الوقود.

ومع ذلك، فإن إنتاج وقود الطائرات المستدام أعلى تكلفةً ومحدوديةً حالياً من حيث التوافر مقارنةً بوقود الطائرات التقليدي، ولذلك لا يمثل حالياً سوى أقل من 0.1% من إجمالي وقود الطائرات المستهلك.

ومن المتوقع أن تلبي مشاريع وقود الطائرات المستدام الحالية والمخطط لها في مراحلها المتقدمة ما بين 2% و4% فقط من الطلب على وقود الطائرات بحلول عام 2030.

ليس مجرد وقود طيران مستدام واحد

يُطلق مصطلح “وقود الطائرات المستدام” على أي وقود طائرات مُصنّع من مصادر متجددة – مثل الزيوت النباتية، والنفايات، وحتى الكربون الملتقط، والمُصمّم للحد من الأثر البيئي للسفر الجوي.

يُخفّض وقود الطائرات المستدام انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير، ويعمل بسلاسة مع الطائرات الحالية والبنية التحتية للوقود.

هناك أنواع عديدة من وقود الطائرات المستدام قيد التطوير، بما في ذلك وقود HEFA (المصنوع من الزيوت النباتية والدهون الحيوانية)، ووقود الطائرات المشتق من الكحول (المُنتَج من الكحولات النباتية)، ووقود eFuels (المُنتَج باستخدام الهيدروجين الأخضر وثاني أكسيد الكربون المُلتَقط).

يستخدم كل نوع مواد أولية وعمليات مختلفة، ولكن جميعها تهدف إلى جعل الطيران أكثر استدامة للمستقبل.

وقود الطائرات المستدام الحيوي Bio-SAF

يمكن إنتاج وقود الطائرات المستدام من مواد أولية عضوية مستدامة، وفي هذه الحالة يُعرف باسم وقود الطائرات المستدام الحيوي Bio-SAF.

يمكن تكرير المواد البيولوجية، مثل زيت الطهي المُستَخدَم، والدهون الحيوانية، أو الزيوت النباتية، من خلال عمليات كيميائية لإنتاج وقود مُطابق تقريباً لوقود الطائرات التقليدي.

إحدى الطرق الشائعة، المعروفة باسم عملية HEFA (الإسترات والأحماض الدهنية المعالجة بالهيدروجين)، تستخدم الهيدروجين لإزالة العناصر غير المرغوب فيها من هذه الزيوت والدهون، ثم تعيد ترتيب جزيئاتها لتتوافق مع البنية اللازمة لوقود الطائرات.

تُعدّ تقنية HEFA أكثر تقنيات وقود الطائرات المستدام نضجاً تجارياً، وهي متاحة على نطاق واسع، حيث أعلنت شركة فيرجن أستراليا مؤخراً عن صفقة مع شركة فيفا إنرجي لتزويدها بمزيج وقود HEFA بنسبة 30% لبعض رحلاتها المنطلقة من كوينزلاند.

ومع ذلك، فإن محدودية إمدادات المواد الخام المطلوبة تعني أنه قد لا تتوفر مواد خام كافية لتلبية الطلب الكامل لصناعة الطيران خلال السنوات العشر إلى العشرين القادمة، خاصة مع تزايد المنافسة على هذه الموارد.

وقود الطائرات الاصطناعي المستدام e-SAF

e-SAF هو الاسم الذي يُطلق على وقود الطائرات الاصطناعي المستدام، والمشتق من الطاقة المتجددة.

يبدأ الإنتاج هنا باستخدام طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية لفصل الماء إلى هيدروجين، يُدمج بعد ذلك مع ثاني أكسيد الكربون المُلتقط من الهواء (أو من العمليات الصناعية) لإنتاج وقود سائل.

يتم ذلك من خلال عملية فيشر-تروبش، الراسخة منذ ما يقرب من 100 عام، والتي تستخدم محفزاً لتحويل غازي الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون إلى نفط خام اصطناعي، يُكرّر لاحقاً ليصبح وقوداً صالحاً للطيران.

من أهم فوائد e-SAF أن الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر وثاني أكسيد الكربون أكثر وفرة بكثير من المواد الخام العضوية اللازمة لوقود الطائرات الحيوي المستدام.

وقود الطائرات المشتق من الكحول (ATJ)

يُعد وقود الطائرات المشتق من الكحول (Alcohol-to-Jet) (ATJ) نوعاً آخر من وقود الطائرات المستدام، ويُصنع بتحويل الكحولات مثل الإيثانول أو الأيزوبوتانول إلى وقود طائرات عبر سلسلة من العمليات الكيميائية.

يُحصل على الكحول أولاً عن طريق تخمير الكتلة الحيوية، مثل المواد النباتية أو النفايات الزراعية، قبل تجفيفه لإزالة الماء، ثم معالجته كيميائياً لإنتاج هيدروكربونات تُشبه وقود الطائرات إلى حد كبير.

أبرمت العديد من شركات الطيران اتفاقيات لشراء وقود الطائرات المستدام (SAF) القائم على الإيثانول لاستخدامه في المطارات الرئيسية بدءاً من عام 2027.

ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات – مثل ارتفاع تكلفة المواد الخام الكحولية، والحاجة إلى مزيد من التحسينات التكنولوجية، والمنافسة مع الاستخدامات الأخرى للكتلة الحيوية، مما قد يحد من انتشاره ويبقي أسعاره أعلى من أسعار الوقود التقليدي.

خيارات مستدامة أخرى غير وقود الطائرات المستدام

يشهد تطوير الطائرات الكهربائية، التي تعمل بالبطاريات، تقدماً سريعاً، مع وجود العديد من النماذج الأولية والنماذج التجارية قصيرة المدى قيد التطوير.

ولكن في حين أن التحول إلى الوقود الكهربائي قد يكون ممكناً للرحلات القصيرة أو الإقليمية، إلا أن الوزن الهائل للبطاريات اللازمة للرحلات الطويلة، بالإضافة إلى كثافة الطاقة المتاحة حالياً، يُمثل تحدياً كبيراً.

ويجري أيضاً تطوير واختبار الهيدروجين كوقود للطائرات. ومع ذلك، من المرجح أن تحتاج البنية التحتية الحالية إلى إعادة تطوير جذرية ليصبح الهيدروجين وقود الطائرات الرئيسي في المستقبل، كما ستحتاج الطائرات نفسها إلى إعادة تصميم للتعامل مع أنظمة التخزين الثقيلة اللازمة لحمل الهيدروجين على متنها.

أخبار البيئة – ترجمة

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا