مع تزايد وتيرة حرائق الغابات وشدتها وحجمها في غرب الولايات المتحدة، يعقد الباحثون العزم على فهم أفضل لكيفية تأثير الدخان على جودة الهواء والصحة العامة، وحتى على الطقس. فمع اشتعال الحرائق، تُطلق كميات هائلة من الهباء الجوي – وهي بقايا الأشجار والمنازل المحترقة المتبخرة التي تدخل الغلاف الجوي والهواء الذي نتنفسه.
تُحلل دراسة جديدة هذه الهباء الجوي والغازات لتحديد آثارها المحتملة على صحتنا، وكذلك على طقس الكوكب على المدى القصير والطويل.
وقام الباحثون بقياس جودة الهواء في رينو بولاية نيفادا الأمريكية على مدى 19 شهراً بين عامي 2017 و2020 لالتقاط كل من الأيام الدخانية والصافية.
وخلال هذا الإطار الزمني، أثر دخان أكثر من 106 حرائق غابات على هواء المدينة.
قاد علماء معهد أبحاث الصحراء DRI سيينج لو وأندريه خاليستوف البحث ، الذي نُشر في عدد أبريل من مجلة Environmental Science: Atmospheres، والذي وجد زيادات في كل من الهباء الجوي الدقيق (المعروف باسم PM 2.5 لحجم الجسيمات) وأول أكسيد الكربون خلال الأيام الدخانية.
وخلال أشهر الصيف المعرضة للحرائق التي تم تحليلها أثناء الدراسة، شكل دخان حرائق الغابات 56٪ إلى 65٪ من PM 2.5 و18٪ إلى 26٪ من تركيزات أول أكسيد الكربون في هواء رينو. النتائج لها آثار على الطقس وتكوين السحب والصحة العامة.
وبدأ فريق البحث عمله على سطح حرم معهد DRI في رينو، حيث ركّبوا أجهزة لقياس حجم الجسيمات الجوية، وتُعد هذه المعلومات مهمة لأنها تُحدد كيفية تفاعل الجسيمات مع كلٍّ من الغلاف الجوي وجسم الإنسان.
ويمكن للجسيمات الأكبر حجماً أن تؤثر على الجهاز التنفسي العلوي، بينما يمكن للجسيمات الدقيقة أن تنتقل إلى أعماق الرئتين.
جمع الباحثون أيضاً بيانات من محطة رصد الهواء التابعة لوكالة حماية البيئة في وسط مدينة رينو، والتي وفّرت تركيزاتٍ ساعيةً للجسيمات الدقيقة PM2.5 ، والأوزون، وأول أكسيد الكربون، وملوثات هواء أخرى. كما وفّرت البيانات تركيزات البوتاسيوم، وهو عنصرٌ يُطلقه حرق الأشجار والأخشاب الأخرى، والذي يُمكن استخدامه لتأكيد وجود دخان حرائق الغابات في الهواء.
تحقق الفريق أيضاً من توقيت تلوث الهواء الناتج عن دخان حرائق الغابات باستخدام صور الأقمار الصناعية لتحديد أعمدة الدخان المرئية ومعلومات مواقع الحرائق من وكالة ناسا والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي . وباستخدام أداة إضافية من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، تمكنوا من تتبع رياح رينو في الماضي للتحقق من مرورها بالفعل عبر منطقة حرائق غابات.
وللهباء الجوي الناتج عن حرائق الغابات تأثيرٌ مُعقّد على الطقس، فمن جهة، يُمكن أن يعمل كمرشح لتشتيت وعكس أشعة الشمس الواردة، مما يُحدث تأثيراً مُبرِّداً. ومن جهة أخرى، يحتوي على مواد ماصة للضوء، مثل السخام والمركبات العضوية البنية، والتي يُمكن أن تُسبب ارتفاعاً في درجة الحرارة.
أما الهباء الجوي الأكبر حجماً، فيُمكن أن يُعزز تكوين السحب ومدتها من خلال عمله كنواة لتكثف بخار الماء حولها، وقد أظهرت البيانات أن الأيام المليئة بالدخان تحتوي على هباء جوي يُحتمل أن يعمل كنواة للسحب بتركيزات تصل إلى 13 ضعفاً عن المتوسط.
وجدت الدراسة أيضاً أن أول أكسيد الكربون يتواجد بتركيزات أعلى خلال الأيام المليئة بالدخان. استنشاق تركيزات عالية من أول أكسيد الكربون قد يقلل من قدرة الدم على نقل الأكسجين إلى الدماغ وأعضاء أخرى.
في المقابل، كانت تركيزات أكاسيد النيتروجين والأوزون في هواء رينو متقاربة خلال الأيام الدخانية والأيام العادية. ويُعزون ذلك إلى انبعاثها من حركة المرور والتفاعلات الكيميائية الناتجة عن أشعة الشمس.
أخبار البيئة – DRI