تُؤثر النترات في الغلاف الجوي سلباً على جودة الهواء، وتلعب دوراً هاماً في تغير المناخ، بحسب دراسة حديثة.

وكشف فريق دولي بقيادة باحثين من جامعة هوكايدو كيف أدت العمليات الكيميائية في الغلاف الجوي إلى ارتفاع مستمر في مستويات النترات، رغم انخفاض الانبعاثات على مدى العقود القليلة الماضية.

وستُسهم هذه النتائج، المنشورة في مجلة “نيتشر كومنيكيشنز”، في تحسين نمذجة المناخ من خلال تحسين قدرتنا على تقييم مستويات النترات في الغلاف الجوي والتنبؤ بها.

وبلغت مستويات النترات في الغلاف الجوي ذروتها بين عامي 1970 و2000، ثم انخفضت المستويات إلى حد ما مع انخفاض انبعاث المواد الأولية للنترات منذ تسعينيات القرن العشرين، ولكن الانخفاض في مستويات النترات أصغر من الانخفاض في انبعاث المواد الأولية، أي أن هناك شيء ما يحافظ على وجود النترات في الغلاف الجوي.

يمكن أن توجد النترات في الغلاف الجوي على شكل غازي أو جسيمي، وتترسب النترات الغازية بسهولة أكبر خارج الغلاف الجوي، بينما يمكن نقلها على شكل جسيمي – وخاصةً الجسيمات الدقيقة – لمسافات طويلة.

لذلك، يُعد فهم التوازن بين النترات الغازية والجسيمية أمراً بالغ الأهمية لتكوين صورة واضحة عن ديناميكيات الغلاف الجوي واستمرارية النترات.

يُفسَّر ثبات النترات الجوية في مناطق المصدر بتأثير عازل، حيث تتحول النترات الغازية إلى نترات جسيمية، مما يُسهم في ثباتها.

ولا يزال تأثير هذا العازل على مدى فترات زمنية طويلة وعلى مسافات بعيدة غير واضح، لكن النترات المترسبة في نوى الجليد في القطب الشمالي تُظهر نفس أنماط النترات الجوية.

وتقع هذه المواقع بعيداً عن المصادر، لذا فإن استمرار ارتفاع معدلات الترسيب لا يعكس العمليات المحلية بالقرب من المصدر، بل يُرجَّح أن يكون ذلك نتيجةً للنقل الجوي وعمليات أخرى في الغلاف الجوي.

لفهم هذه الديناميكيات، قام فريق بحثي بقيادة البروفيسور يوشينوري إيزوكا من معهد علوم درجات الحرارة المنخفضة بجامعة هوكايدو اليابانية، بفحص تاريخ ترسب النترات من عام 1800 إلى عام 2020 في عينة جليدية مأخوذة من جنوب شرق جرينلاند.

وكما هو متوقع، ارتفعت مستويات النترات في العينة منذ خمسينيات القرن التاسع عشر، وبلغت ذروتها بين سبعينيات القرن العشرين وبداية الألفية الثانية، قبل أن تنخفض قليلاً مع بقائها مرتفعة.

وبشكل عام، كانت زيادة النترات حتى سبعينيات القرن العشرين أكثر تدرجاً من زيادة المواد الأولية، وكان الانخفاض بعد تسعينيات القرن العشرين أبطأ وأقل من انخفاض انبعاثات المواد الأولية.

يشير تأخر تأثير النترات واستمرارها إلى وجود عوامل أخرى غير انبعاث المواد الأولية تؤثر على مستويات النترات. وقد درس الباحثون هذه العوامل باستخدام نموذج عالمي لنقل المواد الكيميائية، ووجدوا أن الفرق بين مستويات النترات والمواد الأولية يرتبط بحموضة الغلاف الجوي، وليس بعوامل جوية أخرى، مثل درجة حرارة الهواء.

بمعنى آخر، كان ثبات النترات مدفوعاً بعمليات كيميائية تحدث في الغلاف الجوي، وليس بالظروف الجوية أو ديناميكيات الغلاف الجوي.

وقد غيّرت التغيرات في حموضة الغلاف الجوي نسبة النترات الغازية أو الجسيمية، وهذا يؤثر على مدة بقاء النترات في الغلاف الجوي.

وقد زادت حموضة الغلاف الجوي من نسبة النترات في شكل جسيمات، مما مكّن هذا الملوث من الثبات لفترة أطول والانتقال لمسافات أبعد.

يقول إيزوكا: “دراستنا هي الأولى التي تُقدم معلومات دقيقة حول سجلات نترات الجسيمات في عينات الجليد، وهي مشكلةٌ بالغة الصعوبة. ونظراً لصعوبة الحد من الانبعاثات البشرية للمواد التي تُؤدي إلى زيادة النترات، فإن القياسات الدقيقة لنترات الجسيمات في عينات الجليد تُوفر بياناتٍ تُعزز دقة التنبؤ بتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري في القطب الشمالي مستقبلاً”.

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا