توصل علماء خلال دراسة أجريت على أحد أنواع حيتان المحيطات الأكثر غموضا إلى أن الحيتان تشكل علاقات اجتماعية طويلة الأمد.

وعلى ما يبدو فإن “حيتان بيرد ذات المنقار” التي يطلق عليها أحيانا الحيتان الضخمة ذات المنقار تفضل مرافقة أفراد بعينهم.

وطالب الباحثون، الذين تعرفوا على هذه الحيتان من خلال ندوب على أجسامها، إلى وقف صيد هذه الأنواع من الحيتان في الوقت الذي يجري فيه جمع المزيد من المعلومات حول البنية الاجتماعية المعقدة لها.

ولا يزال هناك صيد لهذا النوع من الحيتان حاليا قبالة سواحل شمالي اليابان.

ونشرت النتائج الجديدة التي توصل إليها العلماء في دورية “علوم الثدييات البحرية”.

وقال ايريك هويت من جمعية المحافظة على الحيتان والدلافين والمدير المشارك في “مشروع موئل الحيتان الروسي” والذي قاد فريق البحث إن فريقه تتبع حركة هذه الحيتان من فصل الربيع وحتى أوائل الخريف على مدار أربع سنوات.

وتقضي الحيتان وقتا قليلا نسبيا على السطح وتغوص بصورة منتظمة لنحو 30 دقيقة حتى عمق كيلومتر واحد (3.300 قدم).

وهذا يجعل من الصعب دراستها، لكن من خلال تعقبها لمدة أربع سنوات وتصنيفها وفقا للندوب العديدة لكل فرد من أفرادها، تمكن العلماء من الكشف عن معلومات اجتماعية جديدة عن هذه الحيتان.

ومن أبرز هذه المعلومات الجديدة هي أن هذه الحيتان شكلت على ما يبدو علاقات طويلة المدى.

واكتشف الفريق، الذي يتألف معظمه من طلاب أبحاث روس، أن نوعين من الحيتان شكلا علاقة تحالف معا لأربع مرات، وعلى ما يبدو كان يلتقي الحوتان بصورة متكررة مع بعضهما البعض لفترة تزيد على ثلاث سنوات.

ومن خلال الندوب التي اكتشفت على أجساد الحيتان، توصل الفريق إلى نتيجة مفادها أن هذه الندوب كانت نتيجة للشباك العائمة والهجمات القاتلة للحيتان والهجمات التي تقوم بها أنواع من القرش يسمى “قرش قاطع كوكي”.

وكما يشير اسمها، فإن هذه الأنواع من القروش تهاجم الحيوانات الضخمة من خلال قضم قطعة دائرية من لحمها، وكان هذا إشارة إلى أن الحيتان هاجرت من المياه الباردة في شرق روسيا إلى أماكن أكثر دفئا وإلى المياه شبه الاستوائية حيث تتغذى أسماك القرش على فرائسها.

أنواع مهملة؟

وقال الدكتور هويت لبي بي سي: “يجري اقتناص (هذه الأنواع من الحيتان) في الشباك، وتتعرض للطعن بالرماح، ولذا فإن هناك مسؤولية دولية (عن هذه الأنواع) التي يجري تجاهلها حاليا.”

وأضاف “حقيقة أننا نشهد هذه الحيتان وهي تجوب المياه (حتى الآن) تعني أن صيد حيتان بيرد ذات المنقار هو شيء يجب إدارته عالميا.”

وقالت اللجنة الدولية لصيد الحيتان، وهي الهيئة العالمية المعنية بالحفاظ على الحيتان وإدارة صيدها، إنه بالرغم من الحجم الكبير لهذه الحيوانات والذي يصل إلى نحو 13 مترا (40 قدما)، فإن حيتان بيرد ذات المنقار تقع ضمن “فئة الحيتان الصغيرة (ذوات الأسنان) وليس ما يطلق عليها الحيتان الضخمة”.

وهذا يعني أنه هذه الحيتان حاليا ليست ضمن التزامات اللجنة الدولية، ويخضع صيد هذه الأنواع في اليابان للقواعد والأنظمة الداخلية لهذا البلد.
وقال متحدث باسم اللجنة الدولية لصيد الحيتان لبي بي سي إن الدول الأعضاء في اللجنة “تناقش منذ سنوات عديدة ما إذا كان يجب توسيع التفويض التنظيمي للهيئة (اللجنة) ليشمل الأنواع الصغيرة من الحيتان”.

وعلى الأرجح فإن البحث الجديد، الذي يلقي الضوء على التركيبة الاجتماعية لهذه الحيتان، سيسهم في النقاش المستمر بشأن ما إذا كانت هناك جهود تبذل للحفاظ على هذه الأنواع من الحيتان أم لا وسبل ذلك.

وقال البروفيسور اري فرايدلاندر، وهو خبير في البيئة البحرية من جامعة ولاية اوريغون، إن علاقات الترابط طويلة الأمد لهذه الحيوانات والهيكل الاجتماعي المعقد لها يعني أن تأثيرات “مضايقتها أو التخلص منها ربما يكون لها عواقب كبيرة”.

وأضاف الدكتور باتريك ميلر من جامعة سانت اندروز إن هناك حاجة لمزيد من الأبحاث لتوضيح كيف يمكن لعلاقات هذه الحيوانات مع بعضها البعض أن تؤثر على تكاثرها وسبل تغذيتها.

لكن أوضح أن “الدراسة تقدم بيانات مهمة، وستحسن من قدرتنا على فهم مدى تأثير صيد الحيتان وغيرها من عوامل الضغط (التي يسببها الإنسان) لها مثل الضوضاء تحت المياه على هذه الحيوانات”.

 

بي بي سي العربية

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا