حذّر خبراء اقتصاد ومسؤولون محلّيون من عواقب التدهور في قطاع الثروة السمكية بسبب نقص أعدادها في المياه العراقية، مشيرين إلى ظهور أنواع جديدة من الأسماك وصفت بـ «غير المجدية اقتصادياً»، داعين الحكومة المركزية إلى ضرورة التحرّك لحماية الثروة السمكية من خلال تفعيل القوانين والقرارات الخاصة بالصيد الجائر.

ويقول الخبير الاقتصادي مصطفى محمد الحبيب، إنّ «الثروة السمكية في العراق تعتبر من أهم الركائز الاقتصادية، لتوفر عناصرها الأولية من نهري دجلة والفرات وأهوار ومستنقعات الجنوب التي تمثّل البيئة الطبيعية لتكاثرها»، لافتاً إلى أنّ «التجاهل والإهمال الحكومي المتعمّد لهذه الثروة الاقتصادية المهمة أدى إلى تناقص مداخيلها المالية والغذائية خلال السنوات الأخيرة».

ويضيف الحبيب أنّ «عمليات الاستيراد العشوائية من دول الجوار وظهور أنواع جديدة من الأسماك الغريبة التي أسهمت في تناقص أسماك محلية رائدة مثل البني والشبوط، عوامل ساعدت على تغيّر البيئة السمكية العراقية بشكل سريع»، مبيّناً أنّ «الروتين في مؤسسات الدولة والخاصة بعملية إعطاء إجازات لإنشاء الأقفاص العائمة، والتي تصل إلى عدة شهور، تسبّب لدى المستثمر استياء مزمناً وعدم الرغبة في تطوير عمله الخاص بتربية الأسماك الحوضية».

ويلفت إلى أنّ «مصر والأردن من الدول الرائدة في مشاريع تربية الأسماك الحوضية لذلك يجب على الحكومة الاستفادة من خبراتهما بإقامة الدورات التدريبية لكوادرها الاختصاصية أو جلب المستثمرين من هاتين الدولتين لتأسيس مشاريع كبرى في هذا المجال».

توحيد إجراءات

في السياق، يوصى مختصّون ومربو أسماك في بابل، بضرورة منع الصيد الجائر للأسماك حفاظاً على هذه الثروة من الانقراض، وتكثيف الدوريات النهرية وقيام الدولة بدعم المنتجين، مطالبين بتوحيد الإجراءات الخاصة بمنح الموافقات لإنشاء أقفاص خاصة بإكثار الأسماك العراقية وحمايتها من الانقراض.

نشر ثقافة

بدوره، يشير المدير العام لبيئة الفرات الأوسط كريم حميد عسكر، إلى أنّ «مؤتمراً عقد مؤخّرا تمّ تكريسه لظاهرة الصيد الجائر للأسماك، وتربيتها بواسطة الأقفاص العائمة»، مشيراً إلى أنّه «استهدف إشاعة ثقافة الحفاظ على الثروة السمكية لما لها من مردود اقتصادي كبير لاسيما أنها تشكل أحد المكوّنات الرئيسة في النظام البيئي المائي وتسهم بدور مهم في حفظ التوازن البيئي».

ويمضي عسكر إلى القول إنّ «الإنسان استثمر هذه الأحياء منذ قديم الزمان كمصدر للغذاء لكنها تعاني حالياً من الصيد الجائر الذي سبب تناقصاً كبيراً في عدد الأسماك بالشكل الذي يهدّد باختلال التوازن الاحيائي في البيئة المائية»، مؤكداً على ضرورة العمل على تنظيم تربية الأسماك في الأقفاص العائمة واستخدامها بطرق صحيحة وضمن المحددات البيئية.

بابل مورداً

من جهته، يؤكد نائب رئيس الجمعية العراقية لمنتجي الأسماك إياد الطالبي، أنّ «بابل هي أكثر المحافظات في عدد بحيرات الأسماك المجازة وغير المجازة، مطالباً بإجراءات عاجلة لمواجهة الصيد الجائر»، مشيراً إلى أنّ «الصيد الجائر يشكّل قتلاً للثروة السمكية في العراق مثلما يدلّل على عدم وعي الصيادين بالقانون»، مطالباً الحكومة المركزية والمحلية بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة بحق من يحاول قتل الثروة السمكية لأنه يعمل على انقراض الأسماك أو على الأقل انقراض أنواع مهمة، منها مثل الشبوط والبني والبز.

ويلفت الطالبي، إلى أنّ «محافظة بابل تعتبر أولى المحافظات في إنتاج الإصبعيات السمكية كونها تضم أكثر من 40 مفقساً للأسماك وتنتج 90 مليون إصبعية سمكية صغيرة سنوياً»، لافتاً إلى أن «المحافظة تسوق يومياً أكثر من 15 طناً من الأسماك من البحيرات المجازة التي يبلغ عددها أكثر من 250 بحيرة وأقفاصا عائمة».

تشابه هموم

ويرى الطالبي أنّ «محافظات الفرات الأوسط تشترك بهموم متشابهة في الصناعة السمكية مثل شح المياه وكثرة البحيرات غير المجازة ورخص أسعار الأسماك بسب الاستيراد العشوائي وعدم توفير الدولة الكميات المناسبة من الوقود للمربين، وعدم استيراد الأعلاف المركزة، وشيوع حالات الصيد الجائر، وإنشاء البحيرات غير المجازة، وكثرة المكاتب الزراعية التي تبع السموم التي تستعمل في صيد الأسماك، وعدم وضع ضوابط لعملها».

مخاطر سموم

دقّ باحث في شؤون الأسماك ناقوس الخطر من مخاطر استعمال السموم في الصيد على الإنسان والبيئة، داعياً إلى ضرورة التصدي لمن يمارسون مثل تلك الأساليب الهمجية.

ويبيّن الباحث أنّ «بعض الصيادين يستعملون السموم والمواد الكيماوية مثل المبيدات الحشرية لصيد الأسماك برغم ما لذلك من خطورة كبيرة سواء على الأسماك أم جميع الأحياء ومنها الإنسان»، لافتاً أنّ «الأسماك التي تنجو من السموم تواجه خطر الإصابة بالعقم وقد تمتد خطورة تلك المواد إلى الإنسان متسبّبة بموته».

 

البيان

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا