التركيز على مشاريع خاصة للمتنزهين بدل المتزلجين؟ هذا السؤال مطروح بقوة في ظل سعي المناطق الموجودة في محيط جبال الألب والتي تضررت أكثر من غيرها جراء التغير المناخي، إلى استباق نتائج الارتفاع المتواصل في درجات الحرارة، وهو أمر حتمي، بحسب العلماء.

وقالت اندريا فيشر الخبيرة في المجلدات في معهد البحوث بشأن الجبال في انسبروك بالنمسا “إن فكرة البيئة التي لا تتأثر بالتحولات جميلة. لكنها لا تشبه حقيقة الحياة القائمة على التكيف المستمر”.

ومع زيادة عدد الأيام المشمسة بنسبة 20 % منذ 1880 وارتفاع درجات الحرارة أسرع بمرتين من المعدل العالمي، تعد جبال الألب من أكثر المناطق المتضررة جراء الاحترار المناخي العالمي الذي خصصت له الأمم المتحدة مؤتمرا انطلق أمس الاثنين في العاصمة البيروفية ليما.

وتراجعت مساحات المجلدات النمساوية بمعدل 15 % في أقل من 20 عاما، كما الحال مع باستيرزي أكبر هذه المساحات الجليدية، على ما يؤكد معهد البحوث بشأن الجبال في انسبروك.

كما أن الحظوظ تتضاءل يوما بعد يوم في أماكن حصر الارتفاع العالمي لدرجات الحرارة بدرجتين مئويتين بحلول نهاية القرن الحالي، بحسب تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تم تقديمه في كوبنهاغن مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.

ومع أخذهم بهذه البيانات، توحد معاهد بحوث وجمعيات جهودها لمحاولة استباق النتائج السلبية لهذا الوضع خصوصا في إطار مشاريع مثل “سي 3 البس” الذي يضم شركاء من البلدان الثمانية التي تمر فيها سلسلة جبال الألب؛ ألمانيا والنمسا وفرنسا وإيطاليا وليشتنشتاين وسلوفينيا وسويسرا.

وأوضحت كارين سيغوارت نائب مدير المكتب الفدرالي السويسري للبيئة العضو في تجمع “سي 3 البس”: “بتنا نشعر بتبعات التغير المناخي ويتعين علينا تولي زمام الأمور. إنها مشكلة عابرة للحدود وتتطلب تعاونا بين مختلف الدول”.

حتى أن بعض مراكز التزلج في الجبال المنخفضة أو المتوسطة الارتفاع، كما الحال مع ستوكهورن في سويسرا، تخلت عن أنشطتها المرتبطة بهذه الرياضة الشتوية لتخصص مساحاتها للمتنزهين حتى في فصل الشتاء.

لكن بالإضافة إلى الأثر السياحي، يمكن للتغير المناخي أن يحمل تداعيات خطرة جدا ويجب التعامل معها بجدية مطلقة لأثرها على سلامة السكان والبنى التحتية في منطقة جبال الألب، ومنها زيادة الفيضانات وانزلاقات التربة أو حرائق الغابات.

وقال يورغ ريبنريغ مدير المعهد النمسوي للبيئة العضو أيضا في مجموعة “سي 3 البس”: “تخيلوا نتيجة انهيار للتربة في واد سحيق مع طريق وسكة حديد وربما خطوط كهربائية ومساكن… هذا ما نحاول استباقه”.

وفي هذا البلد، استثمرت مقاطعة تيرول 125 مليون يورو لحماية أجزاء من الطرقات من الانهيارات تحسبا لتكرار هذه الظاهرة.

وفي الشمال، في منطقة نهر الدانوب، غيرت السلطات النمسوية مكان سكن حوالى 250 أسرة قاطنة قرب النهر بسبب المخاطر المتزايدة للفيضانات بكلفة 90 مليون يورو.

كذلك يمكن لقطاعات عدة كالزراعة والصناعة الكهرومائية وتوفير المياه للاستهلاك البشري أن تتضرر بسبب تكرار ظواهر الجفاف خصوصا بسبب تقلص مواقع التخزين الطبيعية التي تمثلها حقول الثلج، بحسب الخبراء.

وفي ألمانيا، يتم حض المزارعين على زراعة أنواع مقاومة للحرارة ولا تتطلب الكثير من المياه لريها.

وأوضحت سيغوارت “يجب الانطلاق من مبدأ أننا سنشهد مزيدا من الأوضاع القصوى، منها الفيضانات وأيضا شح في المياه”، مشيرة إلى ضرورة “توعية السكان على الأرض لأن تبعات التغير المناخي سيشعرون بها محليا”.

 

الغد

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا