عادة ما يكون التحذير من خطورة التغييرات المناخية على الكائنات الحية، لكن ثمة بعدا جديدا رصده بعض العلماء وهو إمكانية أن تؤدي (التغيرات) لاندلاع حروب أهلية. من هنا طالب خبراء قادة العالم بأخذ المسألة على محمل أكثر جدية.

حذر خبراء شاركوا في جلسة لبحث نتائج التقرير الذي أعدته مجموعة عمل تابعة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC، من مخاطر التغيرات البيئية والمناخية وتأثيراتها السلبية على مستقبل البشرية، مشيرين إلى أنه تم رصد العديد من تلك المخاطر بالفعل.

وفي هذا الإطار قال كريستيان هوغل، الباحث بقسم الجغرافيا والتأثيرات المناخية بجامعة زيوريخ، خلال الجلسة، التي عقدت قبل أيام في مبنى DW في بون: “رصدنا العديد من المخاطر، منها مثلا ما حدث من ذوبان للجليد في مناطق مختلفة، وما نتج عن ذلك من تغير للنظام الهيدرولوجي، والذى يؤثر في مصادر المياه، فيما يتعلق بمنسوبها وجودتها”.

كما تحدث هوغل عن التغير في النظام الإيكولوجي للكثير من الكائنات البرية والبحرية “بشكل أدى لتغيير طبيعتها وطريقة تفاعلها مع البيئة المحيطة، ما قد ينتج عنه انقراض بعض هذه الكائنات”.

يذكر أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC متخصصة بتزويد مقرري السياسات بتقييمات للأساس العلمي لتغير المناخ، وتأثيرات تغير المناخ ومخاطره المستقبلية وخيارات التكيف معه والتخفيف من آثاره.

مخاطر اندلاع حروب أهلية
ولا تقتصر مخاطر التغيرات المناخية على الحيوانات والنباتات فحسب، بل قد تتسبب أيضا في اندلاع حروب أهلية. فقد تؤدي آثار التغيرات المناخية والكوارث البيئية مثل الفيضانات والجفاف والأعاصير وحرائق الغابات، وما ينتج عنها من تدمير للمنازل والبنية التحتية والمحاصيل الزراعية ونزوح الكثيرين، إلي ازدياد معدلات الفقر والمرض والبطالة.

كل هذا يمكن أن يؤدي إلى اندلاع النزاعات والصراعات العنيفة التي من الممكن أن تصل لدرجة الحروب الأهلية، لاسيما في المناطق الفقيرة والأقل تحضرا.
من جهتها أكدت كوكو وارنر، رئيسة قسم الهجرة البيئية والضعف الاجتماعي والتكيف بمعهد دراسات الأمن البشري والبيئي التابع لجامعة الأمم المتحدة UNU، أن ما يجب أن يعرفه الجميع، هو أن التغيرات المناخية، وإن كانت تمثل في الوقت الحاضر تهديدا متوسطا نسبيا لجهود تحقيق التنمية المستدامة، فإن التهديدات الناتجة عنها في المستقبل ستكون أشد خطورة وستكون لها عواقب وخيمة.

ضرورة وضع سياسات وبرامج
أما يورن بركمان، رئيس قسم إدارة المخاطر والتخطيط التكيفي بالمعهد نفسه، فيرى أن التركيز على دراسة التغيرات الفيزيائية الناتجة عن التغيرات المناخية ليس كافيا.

إذ يؤكد بركمان على ضرورة وضع سياسات تحد وتقلل من المسببات الأساسية لمثل هذه التغيرات، وكذلك تضمين برامج للتخفيف من آثارها والتكيف معها، وإيجاد سبل لتمويل مثل هذه البرامج في الوقت الحالي والمستقبل.

وتتمثل هذه البرامج في إنشاء أنظمة تحكم من أجل التكيف وإدارة المخاطر، وإجراء تحسينات على وسائل التكنولوجيا والبنية التحتية، واستخدام أساليب قائمة على نظم ايكولوجية، واتخاذ تدابير وقائية للصحة العامة وحماية البيئة، وكذلك مراعاة التنوع في المحاصيل الزراعية وإنشاء مراكز لإدارة الموارد المائية والأراضي الزراعية.

حان وقت اتخاذ القرار
وانتهت الجلسة بدعوة للقادة وصناع القرار على مستوى العالم لاتخاذ موقف موحد وفعال تجاه قضية التغيرات المناخية، والتعامل بشكل أكثر جدية مع القضية، مع التشديد على أن الوقت قد حان لاتخاذ قرارات جريئة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حتى وإن كانت هذه القرارات لا تتفق مع أولوياتهم التي تساهم في زيادة شعبيتهم والفوز بأصوات الناخبين.

DW.DE

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا