تستمر السعودية في تنفيذ استراتيجيتها الماضية في تنويع اقتصادها، وتفادي خطورة الاعتماد على النفط كمصدر دخل وحيد، وتتجه إلى استثمار ما يتجاوز 400 مليار ريال (106.6 مليار دولار)، في الطاقة الشمسية خلال الأعوام المقبلة، بهدف تغطية الطلب المتزايد على الكهرباء المقدّرة بنحو 10 في المائة سنويًا.

وأوضح أسامة العثمان المتخصص في شؤون الطاقة لـ«الشرق الأوسط» أن السعودية تتجه إلى الطاقة الشمسية، لأنها الأقل تكلفة والأقل سعرًا، وتتناسب مع التوجه العام نحو كفاءة الطاقة وترشيد الاستهلاك، إذ إن ذلك سيعظم الاستثمار بأكبر قدر ممكن في تعزيز قدرتها، من خلال نشر أصول إضافية لتوليد الطاقة الشمسية الكهروضوئية.

وتوقع أن يلعب هذا التوجه دورًا أساسيًا في تلبية احتياجات السعودية من الطاقة باعتبارها من أصول توليد الطاقة الموثوقة وذات التكلفة التنافسية، لمقابلة ذروة الطلب في البلاد التي من المتوقع أن تصل إلى أكثر من الضعف، بما يقدر بـ75 غيغاواط في عام 2020.

وأضاف العثمان: «إن عملية إنتاج الطاقة الجديدة، تتطلب مساحة 398 كيلومترًا مربعًا أي ما يعادل 0.01 في المائة من إجمالي مساحة السعودية، لمواكبة إنتاج 65 غيغاواط من قدرة توليد الطاقة التقليدية بواسطة ألواح الطاقة الشمسية الكهروضوئية عالية الأداء المطلية بطبقة رقيقة من أنصاف النواقل، وذلك لتلبية احتياجات السعودية من الكهرباء بالطاقة الشمسية النظيفة، بتكلفة معقولة».

من جهته، قال الدكتور رائد بكيرات المتخصص في شؤون الطاقة لـ«الشرق الأوسط»: «إن السعودية تتبع سياسة عاقلة، من شأنها تعدد مصادر الطاقة، وبشكل خاص تعظيم إنتاج الطاقة الشمسية، في وقت تتحوط لاتباع استراتيجية تمكّنها من الاحتفاظ بمكانتها الاقتصادية دون الاعتماد على البترول كمصدر دخل وحيد، ومحاولة اتباع أسلوب الصناعة الجديدة للطاقة، لزيادة صادراتها النوعية».

ولفت بكيرات إلى أن هناك الكثير من العوامل التي تجعل تنفيذ الاستراتيجية التي تتبعها السعودية، لتعظيم الطاقة الشمسية، أمرًا ممكنًا ومهمًا في الوقت ذاته، موضحًا أن هناك الكثير من صفقات شراء الطاقة الشمسية على مستوى العالم تذهب في هذا الاتجاه، مشيرًا إلى أن التحالف الأخير بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة الكهرباء السعودية، وشركة «تقنية للطاقة»، سيجعل من السعودية البلد الأقل سعرًا للطاقة على مستوى العالم.

وفي الإطار ذاته، قال الباحث الاقتصادي الدكتور عبد الحليم محيسن لـ«الشرق الأوسط»: «إن هناك الكثير من المؤشرات التي تدعو إلى ضرورة إيجاد البديل للطاقة التقليدية، والطاقة الشمسية هي أفضل الخيارات في ظل توافر مقومات إنتاجها في السعودية، وهي توفر مساحة واسعة من البلاد تغطيها أشعة الشمس لساعات طويلة، إلى جانب خيارات أخرى كالرياح التي تمثل قوى مهمة في إنتاج الطاقة البديلة».

وتوقع محيسن أن تشهد السعودية نقلة كبيرة في مجال إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، في ظل توافر العوامل المناخية الملائمة لذلك، وأن ذلك يحقق نجاحًا كبيرًا لسياساتها الرامية لتنويع الاقتصاد في ظل انخفاض أسعار البترول، مشيرًا إلى أن الاستعانة بالطاقة الشمسية من شأنه أن يقلل التكلفة وتفعيل كفاءة الطاقة، في ظل تقديرات تؤكد أن حجم الكهرباء المطلوبة بالسعودية يبلغ 66.4 ألف ميغاواط بحلول عام 2023.

يُشار إلى أن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، أبرمت مع الشركة السعودية للكهرباء، وشركة «تقنية» للطاقة – أخيرًا – اتفاقية، لإنشاء محطة طاقة شمسية، من شأنها تأمين سعر شراء طاقة بسعر غير مدعوم بالكامل بقيمة أقل من 05. في المائة، من الدولار لكل كيلوواط/ ساعة، حيث يعدّ هذا السعر الأقل على مستوى العالم.

وتعمل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والشركة السعودية للكهرباء على إنشاء مركز جديد لأبحاث الطاقة الشمسية، إذ إن المدينة ستعمل مع شركة «تقنية» للطاقة على إنشاء محطة لتحلية المياه يعمل بالطاقة الشمسية، مصحوبًا بمحطة طاقة شمسية ضوئية بسعة 40 ميغاواط لتوفير الطاقة المطلوبة، ليأتي مع التوجه العام، نحو تعظيم إنتاج الطاقة الشمسية والمتجددة، كأحد أهم الخيارات لتحل محل الطاقة التقليدية الأعلى تكلفة وسعرًا.

 

الشرق الاوسط

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا