تحتل ألمانيا على المستوى الدولي المرتبة الثالثة في مجال استغلال طاقة الرياح. لا يشمل هذا الإحصاء الدول التي لديها إمكانات رياح واعدة جداً، ولكنها غير قادرة على استغلالها بسبب النقص في وسائلها التقنية، على غرار الحال في مجموعة من الدول العربية. وتعمل شركة «كوبه للهندسة» الألمانية، بنجاح في عدد من هذه البلدان، بينها ليبيا والأردن.

وبالتعاون مع «شركة الكهرباء الليبية العامة»، يعكف خبراء الرياح في الشركة الألمانية على إنشاء حقل أول لطواحين الرياح في هذا البلد، الذي أنجز ثورته الشعبية أخيراً.

وكالعادة، تبدأ مثل هذه المشاريع بعملية قياس قوة الرياح عبر تركيز آلات قياس في أمكنة واعدة لقياس قوة الرياح والاضطرابات الهوائية واتجاهات الريح، على مدى سنة كاملة. ثم تُرسِل آلات القياس المعلومات المستقاة مباشرة إلى مركز شركة «كوبه للهندسة» في كاسّل بألمانيا، عبر شبكات الأقمار الاصطناعية.

وفي كاسّل، يجري تقويم هذه المعلومات وتخزينها في «أطلس الرياح». وفي خطوة لاحقة، يجري اعتماد هذه المعلومات في تحديد الخطوات اللاحقة المتعلقة بالأمكنة المختارة، وبعدد المراوح المطلوبة ونوعيتها وارتفاعها. وتُعتبر «كوبه للهندسة» من أبرز عشرين شركة تتعاطى خدمات المشورة في مجال الطاقات المتجددة عالمياً.

دعم من طاقة الشمس

ترعى «كوبه للهندسة» حاضراً مشروعاً مماثلاً لمصلحة مستثمر أردني. ويهدف المشروع لدراسة قوة الرياح، عبر خمس آلات قياس مركزة على أعمدة طولها ما بين 50 و 100 متر. وتبلغ كلفة المشروع نحو 100 مليون يورو، ما يكفي لنصب ما يتراوح بين 30 و40 طاحونة. ولكن، لا يزيد هذا المشروع عن كونه خطوة أولى على طريق تحرير الأردن تدريجاً من الارتهان لمادتي النفط والغاز (يغطيان نسبة 90 في المئة من الطاقة فيه)، وهما مستوردتان أيضاً.

في المقابل، يملك الأردن مثل كثير من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يكفي من أشعة الشمس والرياح، إلا أنه لا يملك التقنية اللازمة ولا المعرفة الكافية المتعلقة باستغلال هاتين الطاقتين، لكنه يعاني من الارتفاع المستمر في الطلب على الطاقة. وفي هذا المعنى، يبدو البحث عن بدائل مستقبلية للطاقة أمراً مطلوباً وضرورياً لتلبية الحاجات المتزايدة أردنياً على المدى البعيد.

وفي سياق غير منفصل، أظهر التقرير الصادر عن المفوضية الأوروبية في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أن طاقة الرياح ستتقدم الطاقات المتجددة الأخرى عام 2050 حتى في الدول التي تستمر في الاعتماد على الطاقة النووية والفحم الحجري.

وبحسب تقديرات خبراء الطاقات البديلة، قد ترتفع نسبة اكتساب الطاقة من الرياح في دول الاتحاد الأوروبي من خمسة في المئة حاضراً، إلى 49 في المئة في أواسط القرن الـ 21. وأعلنت فرنسا التي تتمتع بثاني أفضل موقع للرياح البحرية في القارة الأوروبية، أنها تستثمر حاضراً 10 بلايين يورو لإنشاء حقول بحرية لطواحين الرياح من أجل إنتاج ثلاثة ميغاواط حتى عام 2016 وستة ميغاواط ساعة حتى عام 2020.

ويبدو هذا الأمر كأنه محاولة للحاق ببريطانيا التي تقول إنها ستنتج 18 ميغاواط ساعة في عام 2020، مقابل إنتاج عشرة ميغاواط ساعة في ألمانيا. وخارج القارة الأوروبية، اتخذت اليابان قراراً بوقف العمل في 43 مفاعلاً نووياً من أصل 45 موزعين في «بلاد الشمس» إثر كارثة فوكوشيما. في المقابل، يبدو أن هذه البلاد تتجه إلى زيادة استثماراتها في الطاقات المتجددة لتأمين حاجاتها من طاقة الكهرباء.

دار الحياة

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا