تمكن علماء سويسريون من التوصل إلى مادة تقضي على الديدان الطفيلية السوطية في أمعاء الأطفال. لكن المادة ليست جديدة، فقد دأب الأطباء البيطريون على استخدامها للقطط والكلاب منذ سنوات.

لديدان السوطية مشكلة من الصعب التخلص منها، هذه الطفيليات تعيش ما بين الأمعاء الدقيقة والغليظة، ويعاني منها نحو 750 مليون شخص عبر العالم وخاصة في الدول النامية الاستوائية وشبه الاستوائية.

تنتشر هذه الديدان بشكل خاص في الأماكن التي لا يوجد فيها الماء الصالح للشرب ودورات المياه، والأطفال الصغار أكثر عرضة وبشكل أسرع لهذا النوع من الطفيليات بسبب اللعب في أماكن ملوثة وعلى التراب.

مؤخرا أعلن علماء سويسريون في بازل عن وسيلة فعالة للقضاء على هذه الطفيليات، وفقا لما نشرته مجلة “نيو إنغلاند” الطبية. التجربة التي أجريت على أطفال من جزيرة بيمبا التنزانية كشفت أن عنصرا من الأدوية التي تستعمل من أجل القضاء على هذه الديدان لدى الكلاب والقطط وهو “Oxanthel-Pamoat” يمكن أن يكون فعالا أيضا لدى الأطفال.

فقد لوحظ أن هذه الديدان اختفت من أمعاء 31 في المائة من هؤلاء الأطفال بمجرد تناول أول حبة من هذه الأدوية. “الرقم لا يبدو كبيرا، لكن هذه النسبة أفضل من النسبة التي تحققها الأدوية العادية” يقول بنيامين شبايش، المشرف على الدراسة.

أفضل من الأدوية المتوفرة في السوق
في العديد من الدول الإفريقية يتلقى الأطفال في المدارس مضادات لهذه الطفيليات، لكنها لا تقضي على جميع أنواعها وليست دائما فعالة. الدراسة كشفت أن 2.6 في المائة فقط من الأطفال اختفى لديهم نوع من هذه الديدان بعد استعمال مادة “ألبيندازول” التي هي إحدى الأدوية المستعملة عادة في الكثير من الدول الإفريقية لللتخلص من هذه الديدان؛ إلا أن النسبة ارتفعت بشكل كبير بعدما تم مزج هذه المادة بمكون “Oxanthel-Pamoat” لتصل إلى 92 في المائة، و هي المادة التي كانت تستعمل للكلاب فقط سابقا.

مادة “Oxanthel-Pamoat” التي تم تجريبها على الأطفال، تبقى في الأمعاء دون أن تصل إلى مجرى الدم، وهذا ما قد يفسر أن الأشخاص الذين تناولوها لم تظهر عليهم أعراض جانبية.

لكن استخدام هذه المادة في علاج مشكلة الديدان السوطية لدى البشر مايزال يحتاج لتجارب سريرية أخرى مع عدد أكبر من الاختبارات لتحديد الجرعات المناسبة.

في الوقت الراهن، من يرغب في العلاج بهذه المادة يتعين عليه السفر إلى الفلبين، البلد الوحيد في العالم الذي يسمح باستخدامها لعلاج البشر أيضا. وبالرغم من أن تجارب استخدام المادة لعلاج البشر سبق وأن تمت في السبيعينات إلا أن نتائج هذه الدراسات دخلت طي النسيان.

“الالتهابات الناتجة عن الديدان السوطية غالبا ما نجدها لدى الأسر الفقيرة، وهذا ما يفسر عدم اهتمام الصناعة الطبية بتطوير أدوية لهذا النوع من المشاكل” يقول شبايش.

بينما أدوية الحيوانات تحقق ربحا أكبر، وهوما يفسر أن علاجات الديدان المعوية نشأت في الطب البيطري أولا.

أدوية للبشر والحيوانات معا
رولف هومكه من المنظمة الألمانية للدراسات الصيدلية يقول إنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها اكتشاف فعالية أدوية خاصة بالحيوانات في علاج البشر، فقد سبق أن ثبتت إمكانية استخدام مستحضرات طبية خاصة بالحيوانات من أجل علاج بعض الأمراض لدى البشر، لكنها تبقى حالات قليلة، يقول هومكه.

مثلا أدوية ضغط الدم التي يستعملها الأطباء منذ وقت طويل في علاج البشر، تم اعتمادها مؤخرا فقط من في علاج القطط التي تعاني من القصور الكلوي.

لكن شركات الأدوية عادة ما تطور أدوية تصلح للاستعمالين معا: علاج الحيوانات والبشر.

أولا بسبب التشابه بين خصائص البشر والحيوانات الثدية كما يقول هومكه، ثم لكون التجارب السريرية التي تجريها هذه الشركات مكلفة للغاية وبالتالي فبدل تطوير أدوية للحيوانات ثم البدء بعدها من الصفر لتطوير أدوية أخرى للبشر، يتم العمل في نفس الوقت على إنتاج أدوية يمكن استعمالها في الحالتين.

DW.DE

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا