عندما ننظر في التغير المناخي فإن معظم الناس يعتقدون ان توربينات الرياح والالواح الشمسية تشكل جزءا كبيرا من الحل ولكن خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة فإن مساهمة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في حل المشكلة سوف تكون ضئيلة للغاية والتكلفة ستكون ضخمة.
تقدر وكالة الطاقة الذرية ان حوالي 0،4 من الطاقة العالمية الان تأتي من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وحتى في سنة 2040 ومع تطبيق كل الحكومات لوعودها الخضراء فإن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سوف تشكل 2،2% فقط من الطاقة العالمية .ان هذا يعود جزئيا لكون الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تساعد في تخفيض انبعاثات غاز الدفيئة فقط من توليد الكهرباء والذي يشكل42% من الاجمالي ولكن ليس من الطاقة المستخدمة في الصناعة والنقل والمباني والزراعة.
لكن السبب الرئيسي وراء عدم اعتبار القوة الشمسية وقوة الرياح حل رئيسي للتغير المناخي ينبع من عائق لا يمكن التغلب عليه : نحن بحاجة للطاقة عندما لا تكون الشمس ساطعة وعندما لا تهب الرياح .

ان لهذا أبعاد رئيسية بالنسبة للادعاءات المتعلقة بالتكلفة فعلى سبيل المثال يتم افادتنا مرارا وتكرارا بإن قوة الرياح هي على وشك ان تكون ارخص من الوقود الاحفوري او حتى كما يدعي خبر صحفي عالمي نشر مؤخرا بإنها ارخص من الوقود الاحفوري في المانيا والمملكة المتحدة.

ان هذا يعتبر وهم الى حد كبير فطاقة الرياح على نطاق واسع لن تعمل في اي وقت قريب بدون الدعم المالي وكما قال وارن بافيت : “نحن نحصل على الاعفاءات الضربية عندما نبني الكثير من مزارع الرياح وهذا السبب الوحيد لبناءها فهي ليست منطقية بدون الاعفاء الضريبي “. ان وكالة الطاقة الذرية تقدر ان الفاتورة السنوية لدعم طاقة الرياح العالمية سوف تزيد خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة أي انها لن تنقص او تصبح صفرا .

ان احد الاسباب هو ان الهواء الارخص في المانيا والمملكة المتحدة ينطبق فقط على البناء الجديد. ان معظم موردي الفحم والغاز يكلفون حوالي نصف تكلفة الرياح او اقل ويمكن ان يستمروا لعقود ولكن عوضا عن ذلك قمنا باغلاقها جزئيا من اجل استبدالها بالرياح وبينما يكلف منتجو طاقة الرياح الالمانية الرخيصة الجديدة 80 دولار امريكي لكل ميغاوات بالساعة (0،08 لكل كيلووات بالساعة ) فإن معدل السعر الفوري في 2014 كان 33 دولار امريكي لكل ميغاوات بالساعة فقط.

ان الاهم من ذلك هو ان الرياح ارخص فقط طالما انها تهب ولكن عندما لا تهب فإن الكهرباء التي يتم توليدها باستخدام الرياح هي اكثر انواع الكهرباء تكلفة لأنه لا يمكن شراؤها بأي ثمن.

ان تركيب المزيد من مولدات الرياح تجعل الكهرباء التي تولدها ذات قيمة اقل . ان اول توربينة رياح تجلب سعر فوق المعدل بشكل بسيط لكل كيلووات بالساعة ولكن مع الحصول على 30% من حصة السوق ونظرا لأن كل منتجي الرياح يبيعون الكهرباء في الوقت نفسه (عندما تهب الرياح) تكون قيمة الكهرباء 70% فقط من معدل سعر الكهرباء. ان اسعار الطاقة الشمسية تنخفض بشكل اسرع عند الحصول على حصص سوق مماثلة وعليه يجب ان تكون مولدات الرياح والطاقة الشمسية ارخص بكثير من متوسط السعر حتى تكون تنافسية .

ان طاقة الرياح والطاقة الشمسية تجعل الكهرباء التي يتم توليدها عن طريق الوقود الاحفوري اغلى. ان بعض الناس قد يجادلون بإن هذا شيء جيد ولكن لو استمرت مجتمعاتنا بالعمل في طقس غائم وبدون رياح فإن هذا يعني الاعتماد على بعض الوقود الاحفوري. تقدر وكالة الطاقة الذرية ان 56% من الكهرباء سوف تأتي من الوقود الاحفوري سنة 2040 بينما تشكل الطاقة النووية والطاقة المائية 28%.

ان استخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية بشكل كبير يخفض من عدد ساعات عمل توليد الفحم والغاز ومع التكلفة الثابتة الضخمة فإن هذا سوف يجعل كل كيلووات بالساعة اغلى وفي سوق الكهرباء الحقيقي فإن هذا سوف يؤدي الى ارتفاع تكلفة الكهرباء بكثير في الامسيات التي لا تهب فيها الرياح ولكن هذا يشكل مشكلة سياسية وهذا يفسر لماذا عادة ما تبنى الاسواق من اجل ان ترتفع اقل من ذلك بكثير .

أما في اسبانيا فلقد تم استخدام محطات الغاز 66% من الوقت سنة 2004 ولكن فقط 19% من الوقت الان وخاصة بسبب استخدام الرياح بشكل اكبر ونظرا لأنه يتوجب تشغيل المحطات 57% من الوقت من اجل تجنب الخسائر فإن من المرجح ان يغلق العديد منها وفي طول اوروبا وعرضها ربما 60% من المولدات التي تعمل بالغاز هي في خطر .

ان الابقاء على الاضاءة يعني اما قبول اسعار اعلى بكثير او تقليد ما بدأت الكثير من الحكومات الاوروبية بعمله وهو على وجه التحديد تقديم دعم مالي لمحطات الوقود الاحفوري فعلى سبيل المثال في سنة 2018 سوف تدفع المملكة المتحدة حوالي مليار جنيه استرليني (1،5 مليار دولار امريكي) لمولدات تعمل بشكل اساسي على الوقود الاحفوري للابقاء على السعة الاحتياطية متوفره من اجل استخدام الطاقة في اوقات الذروة. ان بناء المزيد من سعة توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية مع الدعم يعني ان المجتمعات سوف تدفع ثلاث مرات للطاقة ، مرة على الطاقة ومرة على الدعم للطاقة المتجددة غير الفعالة ومرة اخرى لدعم الوقود الاحفوري والذي اصبح غير فعال.

ان العديد سوف يقولون “لكن على الاقل سنخفض من ثاني اكسيد الكربون” وهذا صحيح على الرغم من ان الانخفاض هو فقط نصف ما يتم ذكره نظرا لأن الطاقة الاحتياطية المطلوبة لضمان سلاسة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المتقطعة هي عادة ما تكون مثقلة بثاني اكسيد الكربون بشكل اكبر كما اننا ندفع ثمنا غاليا لتحقيق تلك التخفيضات ففي سنة 2013 انتج العالم 635 تيراوات بالساعة من كهرباء الرياح ودفع على الاقل 28 مليار دولار امريكي على شكل دعم أو 76 دولار امريكي لكل طن من ثاني اكسيد الكربون تم تجنبه ومن المرجح انه دفع ضعفي ذلك او اكثر . عندما يكلف الضرر المقدر الناتج عن ثاني اكسيد الكربون حوالي 5 دولارات امريكية لكل طن وعندما يمكن خفض طن ثاني اكسيد الكربون في الاتحاد الاوروبي بحوالي 10 دولارات امريكية فإننا ندفع بذلكدولار من اجل عمل الخير للمناخ بقيمة اقل من 7-13 سنتا.

كما ان تأثيرها الايجابي على المناخ لا يكاد يذكر فلو نظرنا الى عالمين : في العالم الاول تطبق جميع الحكومات وعودها الخضراء كما اشارت وكالة الطاقة الذرية وتزيد من طاقة الرياح والطاقة الشمسية بمقدار سبعة اضعاف بحلول سنة 2040 وفي العالم الثاني لا يتم شراء اي لوح شمسي او توربينة رياح خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة.

ان الفرق في الانفاق على الدعم بين العالمين هو اكثر من 2،5 تريليون دولار امريكي لكن الفرق في الزيادة في درجات الحرارة بحلول نهاية القرن على اساس نموذج لجنة الامم المتحدة للمناح لن يتجاوز 0،0175 درجة مئوية (0،03 درجة فرننهايت ).

في اليوم الذي سوف ينخفض فيه سعر طاقة الرياح بشكل اكبر بكثير وتصبح الطاقة الشمسية رخصية مثل الرياح تقريبا فإن الاستثمارات الكبيرة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ستكون فكرة جيدة ولكن حتى بعد عقود من اعادة تخصيص رؤوس الاموال فإن هذه الموارد يمكن ان تشكل اقل قليلا من ربع الكهرباء.

باختصار فإنمن غير المرجح ظهور عالم يعمل على طاقة الرياح والطاقة الشمسية( أي انه تم التعامل مع تحدي المناخ) في اي وقت قريب.

بيورن لومبورج

المصدر: بروجيكت سنديكيت

 

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا