م. محمد عسيري *

المدينة الصحية هي تلك التي توفر لقاطنيها كافة عناصر الإشباع الاجتماعي، والنفسي، والصحي، فالصحة تكون بتوفير العناصر التي تدعم بيئة المشاة والإنتقال من مكان إلى آخر بعيداً عن حركة الآليات.

كما تتضمن عناصر الاشباع النفسي توفير المكونات التي تدعم اللقاءات الإجتماعية كالساحات والميادين العامة أو العناصر التي تدعم صفاء الذهن والروح كالعناصر الجمالية والإبداعية.

والسؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا هل بالفعل تتمتع مدننا بكافة مقومات المدينة الصحية؟ مما لاشك فيه أن التخطيط والتصميم العمراني للمدن لابد أن يرتكز على ما يخدم الإنسان وأنشطته أولا قبل أن يبدأ في المركبات فتوفير النقل العام، ومسارات للدراجات أوحتى متطلبات المعاقين يعد امراً ضرورياً لبناء مدن صحية صديقة للبيئة.

وتتعدد أنماط التخطيط التي تخدم التوجه الإنساني سواء بشكل وظيفي يهدف إلى إيصال المستخدم من مكان إلى آخر بسهولة ووضوح، أو بشكل عضوي. كما أن عناصر التصميم العمراني تلعب دوراً هاماً في توفير البيئة الصحية كالمظلات وتوفير مسارات المشاة، وتقليل لعروض الشوارع، وتوفير الساحات العامة والمسطحات الخضراء.

واليوم، تعاني العديد من المدن من إشكاليات الاهتمام بالمركبات كوسيلة نقل رئيسي على حساب البدائل الأخرى، فظهرت لدينا الشوارع العريضة والتقاطعات الكبيرة والجسور والكباري والأنفاق المبالغ فيها، ناهيك عن القيمة الإقتصادية المفقودة في تطوير البنية التحتية لمثل هذه المشاريع. وتفرز تلك السياسات العمرانية العديد من الآثار السلبية تتصمن التلوث، والاختناقات المرورية، والضوضاء.

لقد أصبحت هذه المدن مكرسه لخدمه المركبات فأرصفة المشاة تكاد تكون معدومة وتخلو من أماكن لانتظار النقل العام أو كراسي الجلوس والإنارات أو التشجير والمقاهي. والساحات قل ان نجدها داخل احيائنا السكنية، وإن وجدت فهي محاطة بطرق سريعة ولا يوجد لها مواقف تكفي ولا وصولية سلسلة لسكان الأحياء المجاورة، بل ولا يوجد بها أنشطة وبالليل تكون مظلمة وموحشة، ولا تحتوي حتى على عناصر وسطية لتكون نقطة جذب قوية للسكان، والتعبير عن ثقافة المجتمع الذي يعيش داخلها. مجمل القول، لقد اصبحت ثقافة المشي والتي تعتبر من الثقافات العالمية مفقودة وغاب عن اذهان الكثيرين اهميه تعزيز ثقافة المشي وفوائدها العظيمة، خصوصا في ظل التمدن العمراني الهائل.

ومضة / يقول برنارد شو ( لم أمارس من الرياضة سوى رياضة المشي على قدميّ في جنازات أصدقائي الذين كانوا يمارسون الرياضة ) .

* م.  محمد عسيري

عضو متعاون، وحدة أبحاث الإسكان السعودي، كلية العمارة والتخطيط

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا