طلب البلدان العربية على منتجات الطبيعة وخدماتها تبلغ ضعفي ما يمكن الأنظمة الطبيعية في هذه البلدان أن توفره من موارد متجددة. الخلل بين الإمدادات المحلية والطلب على الموارد يشكل تهديداً لفرص النمو ونوعية الحياة في المستقبل. ويتم سد العجز عن طريق الاستيراد من الخارج واستنفاد مخزونات الموارد المحلية، بما يفوق طاقة الطبيعة على التجدد. هذا أبرز ما توصل إليه تقرير «خيارات البقاء» الذي صدر عن المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد). يتفحص التقرير خيارات الاستدامة في البلدان العربية، استناداً إلى حجم الطلب على الموارد الطبيعية مقارنة مع الإمدادات المتجددة المتوافرة.

يبحث التقرير في المسارات الممكنة لتحقيق الاستدامة، استناداً إلى محدوديات النظم الطبيعية. وقد أوكل المنتدى الى شبكة البصمة البيئية العالمية إعداد أطلس للبصمة البيئية والموارد الطبيعية في العالم العربي، باستخدام أحدث البيانات المتاحة، ليكون أساساً يبني عليه تحليله. ويغطي الأطلس البلدان الـ22 الأعضاء في جامعة الدول العربية، وذلك على مستوى المنطقة كلها والمجموعات الإقليمية وكل بلد على حدة، بهدف تكوين صورة واضحة عن التباين في الموارد المتاحة والطلب عليها، بما يساعد في تحديد مسارات بديلة، خاصة في مجال التعاون الإقليمي.

يقترح التقرير التعاون الإقليمي والإدارة الرشيدة للموارد كخيارين أساسيين للبقاء، في منطقة تتميز بتفاوت كبير في البصمة البيئية والموارد الطبيعية ومستويات الدخل. لهذا، يتطلب تحقيق نوعية حياة جيدة يمكن الحفاظ عليها على المدى الطويل لجميع سكان المنطقة، الاهتمام بتحقيق مستويات عالية من التكامل الاقتصادي وفتح التجارة الحرة عبر الحدود العربية، بحيث يساعد التدفق الحر للمنتجات والرساميل والثروة البشـرية على تحسين أوضاع جميع البلدان.

بينما يتغنى العرب منذ عشرات السنين بشعارات مثل «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة»، لم يحققوا أي شي يُذكر على صعيد التعاون الإقليمي في المسائل العملية، أكان في الدراسات والأبحاث أو في الاقتصاد وإنتاج الغذاء. لا يمكن أي بلد عربي أن يؤمن سبل الحياة منعزلاً. غير أن التنوع في الموارد الطبيعية والبشرية يشكل مصدر غنى. لذا فإن خيار البقاء الوحيد للدول العربية هو التعاون الإقليمي والإدارة المتوازنة للموارد. وفي ما عدا ذلك، تكون برامج التنمية سرقة لحق الأجيال الطالعة في المستقبل.

 

نجيب صعب

جريدة الحياة

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا