السير قدماً نحو بيئة مستدامة في الإمارات ليس بالأمر الجديد، فهي خطة وضعت لتصل قمة أهدافها، لكن الجديد هي الخطوات المهمة التي اتخذت هذا العام نحو تحقيق الأهداف في كافة المجالات في إمارات الدولة، ولعلها المنافسة المحمودة نحو بيئة مستدامة، توفر لكل قاطن على أرض هذه الدولة حياة نظيفة .

في كل إمارة هناك جهات معنية بالحفاظ على البيئة، بل وبذل الجهود نحو تحويل مرافقها إلى بيئات مستدامة، وتعد وزارة البيئة والمياه الجهة الأولى ذات المسؤولية التي تبادر وتتكفل بالمجالات البيئية، حيث أصدرت هذا العام العديد من القرارات الخاصة بكل من المبيدات، حديد مناطق الصيد باستخدام الشباك، عمال المنشآت العاملة في مجال الكسارات والمقالع، تنظيم الصيد .

وعكفت وزارة البيئة والمياه على تكثيف جهودها العالمية من خلال عقد مذكرات واتفاقيات تفاهم مع عدد من الدول على المستوى الإقليمي والدولي، وتعد الدولة عضواً فاعلاً في العديد من المواثيق الدولية ذات الصلة مثل اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، واتفاقية الاتجار الدولي بأنواع النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض (سايتس)، واتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية (رامسار)، وفي الصدد ذاته تبذل الدولة جهوداً كبيرة لمراقبة حركة الطيور، في أنماط هجرتها وطريقة معيشتها وموائلها .

وللتعرف إلى مدى التغيير الذي يأتي انعكاساً للجهود المبذولة، كشف تقرير بيئي لهيئة البيئة- أبوظبي أجري العام الماضي عن نتائج المسح الميداني الذي أجرته لقياس مستوى الوعي البيئي ورصد أنماط السلوك البيئي في إمارة أبوظبي، إضافة إلى تقييم مدى تأثير برامج التعليم والتوعية البيئية التي تنظمها الهيئة والمؤسسات الأخرى لزيادة مستوى الوعي البيئي وتخطيط برامج التوعية البيئية بشكل أفضل .

أجرت المسح على عينة ضمت ألفي شخص من مختلف فئات المجتمع وجنسياته وفئاته العمرية في أبوظبي، وأظهر زيادة مستوى الوعي البيئي في عام ،2013 حيث أكد أن 68 % ممن شملهم الاستطلاع اتباعهم ممارسات صديقة للبيئة، مع ارتفاع نسبة الوعي بالقضايا البيئية بين العاملين في قطاع الانشاءات ليسجل 81% بدلاً من 24 %، في حين بلغت نسبة الوعي بأهمية المحافظة على جودة الهواء كأولوية قصوى خلال العام الماضي ما يقارب 90% .

وبنسبة تجاوزت 63% أظهر المسح فهماً جيداً وإدراكاً عميقاً للقضايا البيئية بين العاملين في قطاع الفنادق والمستشفيات وقطاع التجزئة ومؤسسات القطاع الخاص، وفيما يتعلق بإدارة النفايات، عبر 61% من المشاركين في المسح عن إدراكهم الكامل بأن هذه المسألة تعتبر من أولويات المؤسسات الحكومية، وأظهر المسح أن الشباب ممن تتراوح أعمارهم 12-20 سنة هم الأكثر وعياً وإدراكاً بأهمية معالجة النفايات بطريقة صحيحة بين كل المشاركين في المسح .

وكان إطفاء المصابيح الكهربائية ومكيفات الهواء عندما لا يكون هناك حاجة لها من العادات المتبعة من قبل الشباب، ووصلت نسبة الوعي إلى 83% .

وحول أهمية المسح الميداني قالت فوزية إبراهيم المحمود، مديرة إدارة التوعية البيئية في هيئة البيئة- أبوظبي: يسهم المسح السنوي الذي تنفذه الهيئة في رصد وتقييم مستوى الوعي والسلوك البيئي في أبوظبي، ويساعدنا على وضع برامج توعية تتناسب ودرجة الوعي البيئي لدى شرائح المجتمع لتنفيذها في السنوات المقبلة، إذ إن فهم أنماط السلوك البيئي لدى أفراد المجتمع ورصد درجة وعيهم البيئي بشكل منتظم يساعدنا على فهم القضايا التي تحفزهم فعلاً فيما يتعلق بالمحافظة على البيئة” .

وركزت بلدية دبي على الجهود التوعوية لإدراكها أن البيئة المستدامة لا تتم إلا بتوعية الجمهور والتكاتف مع الجهود المؤسساتية لأجل بيئة نظيفة مستدامة، وهذا بالفعل ما أثبته التقرير الذي أعلنته الإدارة، وأظهر ارتفاع مستوى معدل الوعي البيئي العام إلى 73%، والمعدل العام للسلوك البيئي الرشيد نسبة 82%، وذلك في مؤتمر التوعية البيئية الثانية الذي عقدته البلدية .

كما استخدمت البلدية وسيلة للتحفيز للمشاركة في مبادراتها البيئية، عن طريق اختيار 100 فائز بالدراجات الهوائية شاركوا في مبادرة “دوام بلا مركبات 2014″، بعد أن دعت البلدية الجمهور إلى استخدام الوسائل البديلة عن المركبات لتقليل المحروقات المنبعثة .

وشهدت دبي مؤتمر التوعية البيئية الثاني الذي نظمته إدارة البيئة بالبلدية، وناقش المؤتمر محاور رئيسية التربية البيئية، الإعلام البيئي، والشراكة المجتمعية في تحقيق الاستدامة بمشاركة عربية ودولية، وأوضحت سارة الصايغ رئيس قسم التوعية البيئية بإدارة البيئة أن المؤتمر يتيح الفرصة للاطلاع على تجارب في مجالات التوعية البيئية واكتساب سلسلة من القيم البيئية الهادفة إلى تحسين واستدامة البيئة .

تحرص الجهات البيئية في الدولة على إشراك طلاب المدارس في أنشطة بيئية خاصة، لإدراكها أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، فتعليم طلاب المدارس وتوعيتهم بأهمية الحفاظ على البيئة من شأنه إنشاء جيل واعٍ بيئياً .

وتعمل هيئة البيئة- أبوظبي على تركيز جهودها التوعوية للجمهور، وبالذات فئة الطلاب، لتشجيعهم على تحمل المسؤولية في مجال البصمة البيئية، ومن ذلك مبادرة الجامعات المستدامة التي ترعاها شركة أبوظبي للدائن البلاستيكية (بروج) .

كما أطلقت هيئة البيئة- أبوظبي مبادرة “المدارس المستدامة” في عام 2009 بالتعاون مع مجلس أبوظبي للتعليم وبرعاية من شركة “بريتش بتروليوم”، وتهدف إلى تقليل البصمة البيئية للمدارس المشاركة، وتستند المبادرة إلى أربع ركائز أساسية لتحقيق أهدافها وهي التدقيق البيئي، النادي البيئي، الرحلات الميدانية، تدريب المعلمين .

وأكدت هناء السويدي رئيسة هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة الدور التوعي الذي تضطلع به الهيئة، ومن ذلك تنظيم لجنة التوعية والتثقيف البيئي التي تتولى الحملات التوعوية والتثقيفية .

كما شهدت جائزة الشارقة للاستدامة (المدارس الخضراء) ازدياداً كبيراً في عدد المدارس المشاركة فيها من حيث عدد المدارس الحكومية والخاصة المشاركة في الدورة، حيث بلغت نسبة الرضا عن مدى تحقق أهداف الجائزة على أرض الواقع 87%، وعن مدى وضوح وفهم المعايير 78%، كما وصلت نسبة الرضا عن الأثر الإيجابي للجائزة في زيادة الوعي البيئي لدى الفئات المشاركة إلى 100% .

وأعلنت جمعية الإمارات للحياة الفطرية بالتعاون مع الصندوق العالمي لصون الطبيعة وبنك إتش إس بي سي الشرق الأوسط المحدود عن منح جائزة “العلم الأخضر” المرموقة لأربع مدارس في الإمارات كجزء من برنامج المدارس البيئية في دولة الإمارات، وهي مدارس التزمت بالعناصر البيئية الشاملة مثل تخفيض استهلاك الطاقة والمياه وإنتاج النفايات، وذلك من خلال عمل دؤوب ومتواصل للطلاب ومعلميهم وأهالي الطلاب، واستطاعت مدرسة النجاح للبنات في رأس الخيمة، التخفيض بنسبة 9 .68% من استهلاك المياه، في حين تمكنت مدرسة بنت الشاطئ في أم القيوين من تخفيض استهلاكها للكهرباء بنسبة 8 .18% .

وحفل مهرجان الإمارات الأخضر، الذي تنظمه شركة لايتست أون، بالعديد من الفعاليات التي توفر تجربة فريدة للجمهور بطريقة مستدامة، تماشياً مع جهود الدولة في هذا المجال .

ولم تقتصر الجهود البيئية على الأبراج الشاهقة والمرافق الاخرى العامة، بل على العكس حين كانت الريادة للمسجد الأخضر “خليفة التاجر”، وهو أول مسجد صديق للبيئة في الدولة ومنطقة الشرق الأوسط، أقامته مؤسسة الأوقاف وشؤون القصر بدبي طبقاً لمواصفات ومعايير عالمية، ليسهم في حماية البيئة من الانبعاث الحراري والإسراف في استهلاك الماء والكهرباء، فيوفر 20% من استهلاك الماء، و25% من الكهرباء، مقارنة بمعدلات المساجد الأخرى .

تبلغ مساحة المسجد 105 آلاف قدم مربعة، بمساحة بناء 45 ألف قدم مربعة، وتضمن أنظمة التحكم الصوتي للحد من ضجيج السيارات والأصوات الخارجية عن طريق وضع عازل الصوت، ومنع تسرب الهواء، والتأكد من منع حدوث ارتجاع في تصريف الماء، واستخدام الإضاءة الطبيعية لتوفير الإنارة، واتباع نظام الري بالتنقيط لتوفير الماء .

كلف بناء المسجد 22 مليون درهم، ويتسع المسجد ل 3500 مصل، ويتكون من طابق أرضي، مقسم إلى صالة رئيسية وأخرى فرعية، أما الطابق الأول فيضم صالة للنساء مع قاعة إضافية للرجال، وملحق خارجي للوضوء مع نافورة، وآخر داخلي، وسكن للإمام والمؤذن .

في يوليو/تموز 2014 أعلن برنامج أبحاث المياه والتعلم في محمية وادي الوريعة الوطنية بالفجيرة عن نجاحات الموسم الميداني الافتتاحي بعد إطلاقه في شهر سبتمبر/أيلول 2013 .

حتى الآن، وبمساعدة 26 فريقاً من متطوعي بنك “HSBC” تمكن العاملون في الحفاظ على البيئة من جمعية الإمارات للحياة الفطرية بالتعاون مع الصندوق العالمي لصون الطبيعة (EWS-WWF) من وضع علامات على أكثر من 400 يعسوب، والقيام بأكثر من 260 اختباراً للماء العذب، واكتشاف 30 تجمعاً مائياً في الوادي ومعاينة نحو 300 ضفدع للمساعدة في بناء الصورة الأشمل حول صحة النظام البيئي في المنطقة، وهذه هي البداية فقط .

وأعلنت جمعية الإمارات للحياة الفطرية عن حصول 8 شواطىء إماراتية جديدة على العلم الأزرق المرموق دولياً في عام ،2014 ليصل عدد الشواطئ الحاصلة على هذه الشهادة المميزة في الدولة إلى 28 علماً، وتعد الدولة الوحيدة في الخليج العربي التي حصلت شواطئها على العلم الأزرق، وتمنح الشواطئ والموانئ العلم الأزرق بحسب جودة نظافة بيئتها وما توفره من عوامل أمن للجمهور، ويكون الاهتمام بالجانب التعليمي والتوعوي من ضمن معايير التميّز البيئي الذي تقدمه الشواطئ والموانئ لزوارها كجزء كبير من حصولها على العلم .

أعلنت هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس والشركاء الاستراتيجيون الرئيسيون لمبادرة البصمة البيئية في الإمارات، والتي ساهمت فيها جمعية الإمارات للحياة الفطرية، عن إطلاق أول نظام إماراتي جديد للرقابة على منتجات الإضاءة الداخلية، وستشهد الدولة إدخال منتجات إضاءة آمنة وذات جودة عالية وموفرة للطاقة إلى الأسواق، إضافة إلى التخلص التدريجي من منتجات الإضاءة منخفضة الكفاءة والجودة .

تعاون مع مؤسسات دولية

شهدت إمارة عجمان افتتاح مؤتمر عجمان الدولي للبيئة في دورته الثالثة، والمعرض المصاحب له، وشهد المؤتمر تعريفاً بالمشروعات البيئية الخاصة بتدوير المخلفات، وإطلاق المبادرات البيئية، وتدوير المياه وإنتاج الطاقة المتجددة وشبكات المياه الخاصة، وتم خلاله توقيع اتفاقية بيئية بين دائرة البلدية والتخطيط – عجمان مع جامعة فتس الأمريكية، تهدف إلى توثيق التعاون مع الجامعة، وتبادل الخبرات في مختلف المجالات البيئية التي تدعم التنمية المستدامة .

ولدعم التنمية المستدامة تم مؤخراً تدشين المؤشر البيئي الأخضر الذكي لبلدية عجمان، الأول من نوعه على مستوى المنطقة العربية والشرق الأوسط، والذي يأتي تماشياً مع تطبيق سياسات التحول الإلكتروني والخدمات الذكية، ويمكن الدخول للتطبيق من خلال من باقة خدمات مدينتي على الهواتف الذكية، ومن بين تلك التطبيقات، خدمة مكافحة، وتعمل على مقاومة الآفات البيئية والصحية، وبالتالي المحافظة على بيئة صحية وآمنة للمجتمع من الأمراض التي يمكن أن تنتقل إلى الإنسان .

وخدمة وقاية، التي يتم الدخول عليها من خلال حساب الخدمات الإلكترونية، وتستهدف الشركات لطلب الأكياس وصناديق جمع النفايات الطبية، التي توفرها البلدية برسوم رمزية، والدفع الذكي، وخدمة راصد، التي تركز على اقتراحات وشكاوى المتعاملين، وتسهم في الحد من المشكلات والمخاطر البيئية والصحية .

الخليج

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا