أطلق مسؤولون عراقيون تحذيرات من مخاطر حدوث جفاف غير مسبوق، مع تزايد انخفاض مناسيب المياه في جنوب العراق -لا سيما مناطق الأهوار- بسبب قلة الإطلاقات المائية من دول المنبع، محذرين من أن تؤدي حالة الجفاف إلى كارثة إنسانية جديدة.

ويقدر المسؤولون خسائر العراق بعشرات ملايين الدولارات سنويا جراء انخفاض منسوب الفرات إلى مستويات غير مسبوقة، بسبب عوامل تتعلق بدول المنبع التي قلصت حصة العراق المائية، إضافة إلى وقوع مجرى النهر في مناطق عمليات عسكرية في الأراضي السورية والعراقية.

ولم تتوقف تداعيات هذه الحالة عند الخسائر المادية بل تعدتها إلى النواحي البيئية والصحية، حيث كشفت قصبات ريفية تابعة لمحافظة ذي قار، عن تسجيل مئات الحالات المصابة بمرض الجدري المائي، نتيجة استخدام الأهالي المياه الملوثة.

الأهوار في خطر

ووفقا لمقداد الياسري، رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في ذي قار جنوب العراق، فإن مناسيب تصريف المياه في نهر الفرات انخفضت بنسبة 83%، ليدق هذا الانخفاض ناقوس خطر حقيقي، “وهي مشكلة إضافية تضاف إلى سلسلة طويلة ومعقدة من المشاكل التي يعانيها القطاع الزراعي في البلاد”.

وقدر الياسري -في حديثه للجزيرة نت- تراجع المساحات الزراعية إلى ما يقارب 50% لهذا الموسم، فمن أصل مليون دونم مهيأة للزراعة في ذي قار، فإن المحافظة لم تتمكن إلا من زراعة نصفها، بينما اضطرت إلى ترك مساحات زراعية هائلة، مما يعني توقف القوى الزراعية عن الإنتاج.

من جانبه، أكد عبد الرحمن الطائي رئيس لجنة إنعاش الأهوار في مجلس محافظة ذي قار أن الإجراءات الحكومية “خجولة جداً فيما يتعلق بإمدادات الماء لمناطق الأهوار” (وهي عبارة عن مسطحات مائية كبيرة شاسعة، تتغذى بصورة رئيسية من نهري دجلة والفرات).

نفوق الماشية
وقال الطائي في حديث للجزيرة نت إن الجفاف الذي تعاني منه المنطقة يلقي بظلال كئيبة على الوضع المعيشي هناك، وقد يؤدي إلى تداعيات كبيرة يصعب احتواؤها.

ويشير الطائي إلى أن أهوار الناصرية تضم وحدها أكثر من ثلاثين ألف رأس جاموس، وبالتالي فإن انعدام المياه أو انخفاضها إلى مستويات غير مسبوقة قد يهدد بهلاك هذه الحيوانات، وبالتالي يسبب هجرة عكسية أخرى من الأهوار إلى المدن.

ويبدو أن تداعيات هذه الموجة لم تتوقف عند هذا الحد، فقد اضطرت السلطات المائية في ذي قار إلى غلق نهاية ناظم الحفّار أحد تفرعات نهر الفرات المغذية لمناطق الأهوار، وهناك محاولة لإعادة ضخ المياه لتشغيل المحطة الكهربائية الحرارية التي تعتمد على مياه الفرات في عملها بشكل رئيس.

مخاطر صحية

إلا أن إغلاق هذا الناظم كانت له تداعيات صحية وبيئية خطيرة، فقد كشفت إدارة ناحيتي العكيكة والطار، وهما قصبات ريفية تابعة لمحافظة ذي قار، عن تسجيل أكثر من 650 حالة إصابة بمرض الجدري المائي، نتيجة استخدام الأهالي مياه الناظم الملوثة.

وكانت مديرية ناحية العكيكة ذكرت في بيان لها أن مياه نهر الحفار الذي يغذي الناحية، تحوّلت بمرور الوقت إلى مجرد مستنقع للمياه الملوثة بالمواد الحامضية والرصاص، بسبب ما يحمل النهر من مخلفات الصرف الصحي التي تلقى في نهر الفرات.

وحذرت المديرية من أن الناحية مهددة مع هذا الوضع بكارثة بيئية ما لم تتدخل الجهات المختصة لتدارك الموضوع والعمل على زيادة منسوب النهر.

لكن مدير زراعة ذي قار المهندس بسيل طالب أكد أن دائرته تعمل بشكل سريع على معالجة تداعيات هذه الأزمة من خلال التنسيق مع الجهات ذات العلاقة، مشيراً في الوقت نفسه إلى نجاح المديرية في تحقيق نسبة جيدة من الخطة الزراعية التي كانت معدة للموسم الشتوي الماضي.

 

عبد الله الرفاعي
المصدر : الجزيرة

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا