تعد الأنهر في العراق مصدراً رئيسياً لمياه الشرب في الكثير من مناطق الريف وبعض المدن، لكن ذلك يجعلها احد مصادر التلوث والأمراض التي تصيب الإنسان والحيوان على حد سواء.

وفي قرية جيمعات جنوب بابل (100 كم جنوب بغداد) تنهمك الفتيات في اغلب الأوقات في نقل المياه من النهر بحمل الأواني على رؤوسهن تحت أشعة الشمس الحارقة.‏‏

وعلى رغم أن بعض الذين يعيشون في مناطق لا تتوفر فيها مياه الإسالة يرون الكثير من الحيوانات النافقة والمخلفات الحيوانية والأزبال في الأنهر، الا أنهم مضطرون الى استخدامها بسبب عدم توفر البدائل.

وتحمل أم  أمين (60 سنة)  قدرا على رأسها وتقترب بحذر من حافة النهر المائلة لتملأ القدر وتحمله على رأسها الى البيت.

وعلى الرغم من أن أم أمين تحرص على غلي الماء قبل شربه الا ان ذلك لا يحدث في الكثير من الأحيان بسبب نقص الوقود.

وتشترك اغلب أرياف العراق في ظاهرة غياب شبكات الإسالة.

ويشير المهندس أمين الى النهر الصغير المتفرع بين القرى والأرياف ويروي كيف ان مياه الصرف الصحي توجه اليها من دون مراعاة للنتائج الوخيمة المترتبة على ذلك.

وإضافة الى استخدام مياه النهر للشرب فانها تستخدم ايضا لأغراض غسل الأدوات المنزلية والملابس كما يستحم فيها الأطفال، ما يشكل سببا رئيسا لنقل الأمراض.

ويشير الخبير الصحي كاظم شاكر الى انتشار أمراض مثل الكبد الوبائي والفشل الكلوي بين أهالي القرى الواقعة على أطراف النهر.

ويشير شاكر الى نهر روبيانة المتفرع عن شط الحلة حيث يسبب التلوث في نفوق الأسماك والأحياء المائية.

وبحسب  الجهاز المركزي للإحصاء في العراق فإن 21% من سكان المدن العراقية لا يحصلون على مياه صالحة للشرب، وترتفع النسبة في الأرياف لتصل الى 40%.

وفي قرية الزبر الصغيرة، الواقعة على بعد  50 كلم عن مركز بابل فإن الإنسان يشترك مع الحيوان في الشرب من الأنهر، على رغم ان عبوات المياه صارت متداولة في بعض المنازل.

وتحولت أغلب الأنهر التي تخترق القرة والأرياف الى مستنقعات راكدة تغطيها الطحالب الخضراء.

وثمة عادات سيئة في بعض المناطق، ما زال يمارسها البعض لا سيما الصغار حيث يلقون بالحيوانات النافقة في النهر مما يجعل من المياه وسطا ناقلا للميكروبات والجراثيم.

وبحسب وزارة الزراعة في العراق، فإن الحكومة تتوقع أن سكان المحافظات لن يجدوا مياها صالحة للشرب أو الزراعة في دجلة والفرات في ال 15 أو ال 20 عاما القادمين اذا استمر انخفاض مناسيب المياه في النهرين.

ومنذ عام 2003 اعلنت الجهات المعنية في العراق عن إقامة العديد من مشاريع مياه الإسالة. ومن أبرزها:

محطة مياه في جانب الرصافة من بغداد، حيث يعد ثاني اكبر مشروع في العالم من حيث السعة الإنتاجية، لتجهيز أكثر من مليونين وربع المليون ألف متر مكعب من المياه الصالحة للشرب، ويغذي مناطق وأحياء عديدة تتميز بكثافتها السكانية.

ويقتني بعض السكان في العراق  فلاتر لتصفية مياه الإسالة من الشوائب والمتعلقات. كما يلجأ كثيرون الى المياه المعبأة لتوفير مياه شرب صالحة.

ويعتبر شاكر إزالة الملوثات من مياهي دجلة والفرات، ضرورة  للحفاظ على صحة المواطن وتوفير بيئة نظيفة.

وأدى انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات، الى جفاف الكثير من الأنهر الصغيرة، حيث تحولت الى مستنقعات راكدة تمتلئ بالمخلفات العضوية وغير العضوية تنتج عنها روائح كريهة، كما أصبحت بؤرا للحشرات الضارة والقوارض.

الكاتب: وسيم باسم

المصدر: إيلاف

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا