يهدف صندوق المناخ الأخضر لتمويل مشاريع لحماية المناخ والتكيف مع تبعات التغير المناخي. لكن هناك بعض القضايا المثيرة للجدل بحاجة إلى توضيح قبل انطلاق هذا الصندوق، وعلى رأسها السؤال الأهم: من أين ستأتي الأموال المطلوبة؟

بالرغم من أن هناك الكثير من الأفكار بشأن السبل المثلى لحماية المناخ، لكن البلدان النامية والبلدان الصاعدة على وجه الخصوص تفتقر في كثير من الأحيان للمال اللازم من أجل تحقيق ذلك الهدف. إلا أن هذا لن يمثل عقبة في المستقبل أمام تحقيق أهداف حماية المناخ، فسوف يقدم المجتمع الدولي سنويا واعتبارا من عام 2020، مبلغا يصل إلى 100 مليار يورو لحماية المناخ وللتكيف مع التبعات الناجمة عن ظاهرة التغير المناخي. لكن أي المشاريع لها الأولوية في التمويل، وأيها يترك أثرا أكبر؟ هذا ما سيقرره صندوق المناخ الأخضر(GCF)، وهي منظمة دولية من المخطط أن تستوعب مستقبلا أكثر من 300 موظف.

في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ والذي انعقد في ديربان في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، تم اتخاذ القرار بإنشاء صندوق خاص للمناخ وتم الاتفاق على هذا القرار قبلساعة ونصف الساعة من انتهاء أعمال المؤتمر، وبعد مفاوضات صعبة استمرت طيلة ليلة السبت/ الأحد. ولاحقا اعتبر هذا الاتفاق من الانجازات الملموسة القليلة التي خرج بها المؤتمر، وذلك لأن الدول الصناعية تلتزم باستثمار المزيد من الأموال في مجال حماية المناخ.

وكما يقول شتيفان كروغ خبير المناخ في منظمة غرينبيس: “إنها ولادة عسيرة، سوف تستغرق وقتا طويلا”. ففكرة إنشاء صندوق للمناخ كانت موجودة منذ انعقاد قمة كوبنهاغن في عام 2009، وأيضا في القمة التي عقدت في مدينة كانكون المكسيكية عام 2010، وتم في قمة ديربان وضع الخطوط العريضة لهذا الصندوق، لكن الآنالتفاصيل هي التي تثير الخلافات.

من يمول صندوق المناخ؟

المشكلة هي أن الصندوق الآن فارغ،بالرغم من أن المبلغ الذي يجب أن يدخل إلى الصندوق تم تحديده بشكل ثابت. إلا ان الدول لم تتفق بعد على المصدر الذي ستاتي منه الأموال على المدى الطويل. وكما يضيف كروغ، فإن التمويل لا يجب أن يرتبط بالمناخ السياسي المتغير، ولا بوضع الميزانية في الوقت الراهن في الدول الممولة، إذ إن شيئا من هذا القبيل سيجعل من الصعب الإعتماد على الصندوق.”

لكن من الواضح أن المانحين من القطاع الخاص يجب أن يساهموا بدورهم، هذا بالإضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي. ويجب أيضا أن تكون هناك مصادر مبتكرة للتمويل وموارد إضافية لصندوق المناخ، كما يعبر وزير التنمية الألماني ديرك نيبل: “نحن نريد آليات تمويل ناجحة منذ البداية وعلى مدى سنوات، وهي تقوم على أساس تقاسم الأعباء العادل بين الدول الصناعية. وسيتم توظيف الأموال العامة أيضا في تقديم حوافز لحشد الاستثمارات الخاصة.” وليس واضحا، حجم الحصة التي ستأتي من القطاع الخاص.

كما تطرقت المناقشات أيضا إلى فرض ضرائب عالمية، مثلا على الانبعاثات الضارة المترتبة على النقل بالسفن أو بالطائرات، ويمكن لعائدات هذه الضرائب أن تصب في صندوق المناخ.لكن الآراء تختلف بشدة حول هذه النقطة. وإذا ما ترك الأمر طبقا لرغبة الولايات المتحدة والصين، فإنهما لا تؤيدان أساسا التزام الحكومات بتمويل مشاريع حماية المناخ، وهما تجدان أن مساهمة القطاع الخاص كفيلة بذلك، وهذا يعني أن عائدات الضرائب العالمية لن تصب في الصندوق. لكن هذا بالضبط ما يريده جزء كبير من الدول الأوروبية بما فيها ألمانيا، وذلك اقتداء بالتجربة الناجحة في التجارة بشهادات الانبعاثات في مجال الطيران. ويقترح خبير شؤون المناخ شتيفان كروغ، كذلك خفض الدعم عن أنواع الوقود الأحفوري المختلفة كالفحم على سبيل المثال.ويمكن لإجراء من هذ القبيل أن يعطي الدول المساهمة في التمويل، مجالا أكبر لتوفير المال للصندوق.

صندوق واحد بدلا من جهات مانحة متعددة

وبعيدا عن صندوق المناخ، كان التعاون العالمي بشأن تمويل مشاريع حماية المناخ حتى الآن مجزأ،وكان المال المخصص لمكافحة التغير المناخي يأتي من مؤسسات عديدة ومختلفة، مثل صندوق التكيف، ومرفق البيئة العالمية، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من المشاريع الثنائية في مجال التعاون الإنمائي.وبدلا من هذا العدد الكبير من المبادرات الفردية، ينبغي لصندوق المناخ أن يجمع بين الخبرة والتمويل.

وعلاوة على ذلك، فإن الصندوق سيحدث نقلة نوعية في سياسة التنمية، فهو لا يعمل بشكل معزول تماما لتحقيق مشاريع حماية المناخ في البلدان النامية، فبناء توربينة رياح لوحده لن يكون كافيا. لكن الفكرة تتمثل في مشاركة جميع القطاعات في البلد المحدد في المشاريع، وذلك ابتداء برجال الأعمال مرورا بالسياسيين وانتهاء بالمجتمع المدني.

وهناك مسالة أخرى، وهي أنه ينبغي للبلدان النامية نفسها أن تشارك في الجهود الرامية لجعلها تتكيف مع تبعات التغير المناخي، وكما يقول الوزير الألماني نيبل:”إنهم بحاجة إلى دعم من الدول المتقدمة، فصندوق المناخ سوف يكون بمثابة عنصر أساسي في البنية الجديدة لتمويل مشاريع حماية المناخ. وسيصبح لهذا الصندوق القدرة على دفع الدول النامية والصاعدة، باتجاه التحول نحو تنمية تتسم بالمرونة تجاه المناخ.”

وضع نهاية للصراع بين البلدان النامية والمتقدمة
ويرتبط تأسيس صندوق المناخ بوعد من البلدان الصناعية بزيادة التزامها أكثر من أي وقت مضى للمساعدة في تمويل حماية المناخ.كما سيساهم صندوق المناخ أيضا، في إنهاء الصراع الذي يتجدد بين الدول الصناعية والنامية، عند النقاش حول الجهة التي يجب أن تدفع التكاليف المالية المرتبطة بكبح ظاهرة التغير المناخي.

ويتولى الإشراف على الصندوق مجلس يتألف من 24 عضوا، وهذه المقاعد موزعة بالتساوي على ممثلين من البلدان الصناعية والبلدان النامية. وكما يرى هينينغ فوستر الذي يرأس الأمانة المؤقتة لصندوق المناخ، فإن صندوق المناخ يجلب معه أمرا جديدا ومهما يتمثل في توزيع مقاعد الهيئة الإدارية بالتساوي على الدول المعنية، الأمر الذي يجد صدى طيبا لدى جميع المعنيين”.

هل ستصبح بون مقرا لصندوق المناخ؟

وهناك سؤالآخرلم تتم الإجابة عليه بعد يتعلق بمقر صندوقالمناخ. فهناك ست دول تتنافس على استضافة المقر على أراضيها، وهي المكسيك وكورياوسويسرا وبولندا وناميبياوألمانيا، وقداختارت الحكومة الألمانيةبونالعاصمة السابقة للبلاد كي تستضيف المقر.
وبحسب وزير التنميةديركنيبل، فإن السببيرجع إلى “القناعة بأن أفضل المعداتوأفضل بيئة للعمل، ستسمح للصندوقبتحقيق أقصى أثر لمكافحة التغير المناخيفي جميع أنحاء العالم.وإذا ما تحقق لألمانيااستضافة الصندوقـ، فهي كبلد مضيف يمكن أن تساهم مساهمة كبيرة، في انطلاق أعمال صندوق المناخ بشكل سريع وفعال.”

وسيتخذ القرارفي ديسمبر/ كانون الأول 2012 في قطر، حيث سيعقد مؤتمرالامم المتحدة للمناخ المقبل.

الكاتبة: بريغيته مول/ نهلة طاهر
DW عربية

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا