تفشت ظاهرة تلوث مياه الترع بالصرف الصحى، فى غالبية قرى أسيوط، الأمر الذى يؤدى لتلوث المحاصيل الزراعية وتأثر الحيوانات أيضًا، مما يؤثر على جودة وصلاحية هذه المنتجات ويعود بتبعات خطيرة على صحة المواطنين.. ما تنذر بكارثة صحية فى حالة عدم تحرك الوزارات المختصة لمنع تصريف مياه الصرف فى الترع.

الصرف اغتال الزراعة

يقول سيد نصر، سائق من صليبة العدر: الترعة قتلت الحياة بالمنطقة، فسيارات الكسح تفرغ محتوياتها فى الترعة، وفوق ذلك بعض الأهالى يمدون مواسير أرضية لعمل صرف مباشر على الترعة، حلا لمشكلة عدم وجود شبكة صرف صحى.

وبوجه عابس: قبل تلوث الترع كنا نزرع أفضل المزروعات ونأكل من غرس أيدينا، وفى شهر رمضان لم نكن نشترى فاكهة بل كانت زراعتنا تكفينا، ولكن اليوم كل شيئ أعدم نهائيًا، مات النخيل وصار البلح بلا قيمة غذائية، وفنت حدائق الفاكهة بل وهجر السمك الترع.

ويستكمل: كنا نرع أفضل الخضروات مذاقًا، ولكن مياه الصرف اغتالتها، واخترقت الجراثيم والفيروسات أجسادنا ونهشت صحتنا حتى وهنت، وبدأت الأمراض الوبائية كالالتهاب الكبدى (سى) والفشل الكلوى تظهر علينا، إضافة إلى إصابتنا بالهرش المستمر.

مثلث الموت

ويضيف حمدى عمر، مدرس من عزبة أبوالقاسم: الحقيقة التى لا يعرفها الكثيرون هى أن كل سكان أسيوط يأكلون مزروعات ملوثة وجميعنا تترعرع الفيروسات فى أجسادنا، ونبتلع السم مع كل قضمة فاكهة أو عند تناول أى من الخضروات أو لحوم الماشية، والسبب أن الترع التى تروى أرضنا ملوثة، فكلما تلوثت ترعة لوثت أخرى وسيارات الكسح غير المرخصة والتى لا تحمل أرقامًا ترتكب جرما غير مشروع ولا أحد يحاسبها، فحينما تفرغ مياه الصرف بالترع هى تضع أولى لبنات الموت للمواطنين فى منظومة كاملة للفتك بالبشر، من تلوث مياه تروى الزرع فتلوثه ويتغذى الحيوان عليه فيصاب بالأمراض فيأكل الإنسان الزرع الملوث ولحم الحيوان المريض وهنا يكتمل مثلث الموت.

ويقول عاطف عبدالهادى، مدرس من نجع سبع: لا يوجد بالقرية شبكة صرف صحى مما دفع البعض لعمل أيسونات، ولدينا بالنجع أكثر من 180 أيسونًا مما خلط مياه الصرف بمياه الشرب ولوثها.

وبنبرة غضب وبيد تقرع الطاولة يستطرد قائلا: وفوق كل ذلك تأتى سيارات الكسح لتكمل المشكلة فتفرغ محتويات الصرف بالترعة، مما أثر سلبًا على جميع الكائنات وأدى إلى كثرة الإصابة بأمراض الفشل الكلوى وفيروس سى.

تلوث وأمراض

أما على ليمون، مزارع من الحسانى، فيقول: سيارات الكسح صارت تستسهل الأمر وتلقى مياه الصرف بالترع، وأنا كمزارع أتعرض كل يوم لمياه ملوثة بالفيروسات والبكتريا والطفيليات، وأصاب بالهرش المستمر كلما لامست تلك المياه اللعينة.

ويضيف: حتى أطفالنا كل يوم نصحبهم للطبيب وأنا رجل على باب الله، وعلىّ توفير راتب شهرى لعلاجهم من تبعات تلوث الترع والمأكولات واللحوم وانتشار الحشرات والروائح الكريهة، فأطفالنا تكاد تموت وصحتهم، وهنت والحيوانات ذبلت ومرضت ومنها ما مات والمزروعات قلت إنتاجيتها وتغير مذاقها، ونحن امتلأنا أمراضًا فما الحل؟

ويرد فتحى كامل، رئيس الوحدة المحلية لنجع سبع: المشكلة أن غالبية السيارات تفرغ المياه ليلا ونحن لا نراها، ولكن فى حال رؤية أى سيارة تقدم على هذا الفعل نحرر لها محضرًا على الفور.

أما علاء شعبان رئيس الوحدة المحلية لمنقباد، فبوضح أنهم يستطيعون اكتشاف مواسير الصرف فى وقت السدة الشتوية، لأن المياه تكون منحسرة ويمكن التوصل للمواسير وإيقافها، مشيرًا إلى أن الدور فى تلك الفترة للأهالى، فعليهم سرعة الإبلاغ عن كل من يرونه يفعل ذلك لمساعدة الوحدة فى إيقاف زحف هذه الظاهرة.

الأسماك الضحية الأولى

أما أحمد رفعت، وكيل وزارة الزراعة فيعلق قائلا: أولا هذه الظاهرة قتلت جميع الأحياء وبالتحديد الأسماك بالترع وقضت على الثروة السمكية، وهذه الأسماك لا تتوقف أهميتها عند حد الغذاء عليها فحسب بل كانت تتغذى على الحشائش التى تنمو فى تلك الترع، فمن ناحية قضت على الأسماك ومن أخرى شجعت على نمو الحشائش التى تمثل عائقًا وتستهلك جزءً كبيرًا من مياه الترع.

ويستطرد رفعت قائلا: المياه الملوثة تروى الزرع وتلوث التربة والمشكلة أن مياه الصرف بها منظفات وكلور والكلور فى غاية الخطورة فهو سام جدًا ومسرطن يقوم بالتفاعل وعمل مركبات فى التربة تدخل فى النبات وتنتقل للحيوان والإنسان عندما يتغذى على الحيوان أو على النبات مباشرة ويسبب الفشل الكلوى والسرطان، كما أن الترع يلقى بها مخلفات غسيل السيارات والشحوم والوقود ونواتج معامل التحاليل ومخلفات البطاريات التى بها عناصر ثقيلة، والمشكلة فى سمية هذه العناصر الثقيلة، وكل ذلك يتفاعل مع التربة ويكون موادا سامة، كما أن هناك كمية من الأملاح تؤذى التربة وترفع من تركيزات المركبات الحمضية والقلوية.

ويضيف رفعت: كما أن مياه الصرف تنقل الفيروسات عن طريق البول والبراز وخلافه.

مشكلة مركبة

ويقول حسين جلال، مدير عام الرى، إن هناك عقوبات رادعة لمن يضبط أثناء إلقاء مواد الصرف الصحى والمخلفات فى الترع وتكون بالغرامة والحبس.

ويكمل: من جانبنا نعمل على تطهير الترع بشكل دائم ومتواصل حتى نضمن صلاحية المياه المستخدمة فى رى الأراضى الزراعية، وأناشد المواطنين الإبلاغ عن أى مخالفات تضر بمجرى الترع، وعدم إلقاء المخلفات بها أيضًا.

أما أحمد عبدالحميد، وكيل وزارة الصحة، فيقول: الخطورة تكمن فى أن مخلفات الصرف إذا كانت آدمية وبها كمية كبيرة من الميكروبات والجراثيم التى يخرجها الجسم، فتختلط بالمياه التى تروى الزرع الذى يتغذى عليه الإنسان والحيوان وبهذه الطريقة فهذه الميكروبات والجراثيم ترجع للإنسان مرة أخرى، سواء بطريق مباشر عن طريق تناول النباتات الملوثة، أو من خلال نزول الأطفال والمزارعين للترع، وتنتقل أيضًا بطريق غير مباشر من خلال التغذى على الحيوان الذى يتغذى على النباتات الملوثة ويشرب من تلك المياه، والمشكلة أنها ترجع فى صورة أكثر شدة وخطورة، خاصة لو استخدمت فى مياه الشرب، فكل شيئ يضار من إنسان ونبات وحيوان بسبب هذا الفعل.

عقوبات رادعة

ويضيف عبدالحميد: عمليات ترشيح المياه والتنقية تقضى على جزء كبير من الملوثات، ولكن المشكلة فى الترع الجانبية.

وحول العقوبات الرادعة ودور وزارة الصحة يعلق قائلا: بالفعل هناك عقوبات رادعة فطبقا لقانون رقم 4 لسنة 94 من قانون البيئة يحظر إلقاء مياه الصرف فى مياه الترع، مضيفًا أنه للتوعية الصحية دور مهم جدًا لأنه من الصعب وضع رقيب على كل مواطن على طول مجرى النيل، كما أن السيارات تلقى بالمخلفات بالترع بدلا من الظهير الصحراوى، ونحن نحرر محاضر صحية بيئية فى حالة تلبس أى شخص بتلويث مياه الترع والمصارف.

 فاتن الخطيب وحسن شعبان
ولاد البلد

 

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا