يتصاعد حجم الدمار الاقتصادي الذي سببته ثورة بركان إيجافلاجكول في أيسلندا، مع إعلان شركات الطيران عن أن حجم خسائرها بلغ 200 دولار يوميا في أعقاب إغلاق العديد من المطارات الأوروبية، كما ينتشر الأثر الأكبر لثورة البركان في جميع أرجاء العالم نظرا لأن الحركة التجارية للسلع المنقولة جوا لم تتمكن من الوصول إلى الأسواق.

فقد توقفت رحلات الطيران بسبب السحابة الضخمة من الرماد الذي يواصل البركان بثه.

وحسبما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بي جي كراولي يوم 20 نيسان/إبريل فإن الدمار الاقتصادي على ما يبدو سيكون “كبيرا جدا” مع وجود قطاعات خاصة من الاقتصاد ستكون الأكثر تضررا.

وأضاف كراولي أن حكومة أوباما تقيّم الدمار مع استمرار الوضع. وقال إن حركة الطيران في أوروبا أصبحت تعمل بنسبة 60% من حجمها المعتاد يوم 20 نيسان/إبريل مقارنة بنسبة 30% في اليوم السابق 19 نيسان/إبريل. كما أشار إلى أن وزارة الخارجية الأميركية شكلت مجموعة للمراقبة والرصد للمساهمة في تقديم الخدمات للمواطنين الأميركيين الذين سدت في وجوههم سبل العودة إلى أرض الوطن. وأوضح أن ما يتراوح بين 17 إلى 40 ألف أميركي قد تأثروا بتوقف حركة الطيران.

كما نبه إلى أن الوضع قد يؤثر أيضا على “بعض البرامج التي لدينا” مثل الجهود الأميركية المستمرة للدعوة إلى الأمن الغذائي في العالم.

وتقول التقديرات الواردة حديثا إنه تم إلغاء أكثر من 95 ألف رحلة طيران عبر أوروبا منذ بدء ظهور الرماد البركاني يوم 14 نيسان/إبريل، حينما حذر المسؤولون الحكوميون من أن الوضع قد يستغرق أسابيع قبل أن يتمكن كل المسافرين العالقين من العودة إلى أوطانهم.

من ناحية أخرى ذكر بيتر ساموند خبير البراكين في كلية لندن الجامعية في مقابلة مع برنامج (نيوز أور- أو ساعة إخبارية) بمحطة التليفزيون العامة بالولايات المتحدة (بي بي إس) يوم 16 نيسان/إبريل إن الرماد قد نتج عن ذوبان الصخور المندفعة من ثورة بركان إيجافلاجكول، الذي يذيب جبلا من الجليد فوقه، وأن الماء الناتج عن ذوبان الجليد يحول الصخور المنصهرة إلى شظايا، مما ينتج عنه رماد دقيق يُقذف إلى أعلى الغلاف الجوي فوق أيسلندا.

وتتجه السحابة المتحركة من الرماد والتراب من أيسلندا نحو الشرق بارتفاع يتراوح بين 20 إلى 36 ألف قدم، وهو الارتفاع الذي تطير عنده طائرات الرحلات الجوية. وقد أوقفت رحلات الطيران نظرا لأن الجزيئات الصغيرة للمواد البركانية يمكن أن تتلف محركات الطائرات.

ومن جانبه قال الكاتب سيمون وينشستر للبرنامج الإخباري نفسه إن الرماد البركاني له مخاطر صحية، خاصة لمن يعانون من بعض أمراض الرئة مثل أزمات الربو. فالجزيئات الصغيرة من السيليكا (ثاني أكسيد السليكون) الموجودة في الرماد البركاني يمكن تسبب مرض (السليكوزيس) أو تسمم السليكا وهو مرض منتشر بين عمال المحاجر حسبما ذكر.

وجاء في مقال نشرته مجلة إيكونوميست يوم 19 نيسان/إبريل، أنه لا توجد إحابة واضحة للتساؤل حول الفترة التي قد يستمر خلالها توقف حركة الطيران في أوروبا. وأوضح المقال أنه “حتى لو توقف البركان عن بث الرماد على الفور، فقد يستغرق الأمر أسبوعين أو أكثر قبل أن تستطيع شركات الطيران استئناف جداولها، مع وجود الطائرات وأطقم العاملين عليها عالقين في مناطق متفرقة من العالم مع المسافرين.”

وعلاوة على ذلك، ذكر المقال أنه طبقا لما ذكرته وكالة سلامة الطيران الأوروبية “فإنه لا يوجد حاليا اتفاق على المستوى الذي يمكن قبوله لانتشار الرماد البركاني في الغلاف الجوي،” ومن الصعب التنبؤ باتجاهات الرياح على المدى الطويل وبمدى تركيز سحابة الرماد.

ثم أضاف المقال أنه “إذا نجح خبراء البراكين والعاملون في التنبؤ بالأرصاد الجوية في وضع نموذج متحرك لكيفية تحرك سحابة الرماد، فقد يكون من الممكن إبقاء مزيد من المطارات مفتوحة، وإعادة توجيه مسارات الطائرات لكي يستطيع الركاب الحركة مرة أخرى. ولكن إذا تحولت سحابة الرماد إلى اتجاه آخر فإن الرحلات الجوية يمكن أن تسير حولها أو فوقها. لكن استمرار وجود السحابة في مكانها فوق أوروبا “يجعل ذلك مستحيلا.”

وبعد إلغاء رحلات الطيران لمدة خمسة أيام، تقدّر شركات الطيران أن خسائر الصناعة حتى الآن بلغت بليون دولار، وبدأ بعض كبار رجال الصناعة يطالبون بتعويضات من الحكومات الأوربية أو من الاتحاد الأوروبي، بما يشبه الطريقة التي تم بها تعويض شركات الطيران بعد توقف حركة الطيران في الولايات المتحدة في العام 2001 في أعقاب هجمات 11 أيلول/ سبتمبر الإرهابية.

وبعيدا عن أوروبا وصناعة الطيران، ذكرت تقارير الأنباء أن أصحاب الشركات التجارية في جميع أنحاء العالم قد تأثروا سلبا بأزمة النقل. فصادرات البساتين الأفريقية من الخضروات والفواكه والزهور، التي تعتمد على سرعة النقل الجوي في نقل منتجاتها القابلة للتلف بسرعة إلى الأسواق الأوروبية، تعاني من الأزمة. وعلى سبيل المثال قالت وكالة رويتر يوم 19 نيسان/إبريل إن المزارعين الكينيين خسروا بالفعل 12 مليون دولار بسبب تلف صادراتهم.

كا تأثرت صناعات أخرى تعتمد على التكنولوجيا أو الخبرة الأوروبية مثل قَطْع الماس والورادات من الإلكترونيات أو السيارات. أما منتجو البترول فيواجهون انخفاض سعر وقود الطائرات نتيجة نقصان الطلب.

وقد لخص الوضع راي سواريز كبير مراسلي برنامج (نيوز أور) الإخباري بقوله يوم 16 نيسان/إبريل “في اللحظة الراهنة، فإن الطبيعة تذكّر البشر بأن الخطط والنظم والجداول ينبغي عليها في بعض الأحيان أن تفسح المجال لكوكب يسير حسب التوقيت الخاص به.”

من ستيفن كوفمان، المحرر في موقع أميركا دوت غوف

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا