لماذا تخشى الدول الخليجية -التي يسبح بعضها فوق مخزون كبير من الثروات الهيدروكربونية- نضوب النفط والغاز خلال العقود القليلة المقبلة، ما يهدد بشكل مفزع خططها التنموية، وخططها في استدامة مواردها؟

وقد عَجل الفقر المائي الذي تعانيه هذه الدول، من وتيرة البحث عن بدائل غير تقليدية للنفط والغاز، مثل النفط والغاز الصخري المصاحب، رغم ما يحيط برحلة البحث هذه من تحديات.

النفط والغاز الصخري المكتشف في نحو 33 دولة حول العالم، منها الصين وأمريكا وروسيا والمكسيك وفنزويلا وبريطانيا والجزائر وليبيا والأردن وقطر والسعودية، استحوذ على اهتمام المتخصصين من ’الرواد العرب والأمريكيين، الباحثين في العلوم والطب والهندسة‘، خلال ندوتهم الثانية، التي عُقدت في سلطنة عمان، في المدة 13- 15 ديسمبر الجاري، ورغم الآمال العريضة فإن دائرة المستحيل تظل قائمة تهدد بخسارة مليارات ووقف عمليات البحث عن المورد البديل.

النفط الصخري -والغاز المصاحب له Shale Gas- المحبوس بين طبقات الصخور، يتطلب استخراجه تفتيت هذه الصخور عبر تقنيات متقدمة، بعضها يعتمد على التكسير الهيدروليكي تحت الضغط الشديد، وبعضها يمزج بين تلك التقنية وتقنية الحفر الأفقي.

ويعد الطرح الأحدث -كما يوضحه  الخبير البترولي السعودي محمد باطويل- ”هو التكسير غير المعتمد على المياه“، مؤكدًا أن ”هذه التقنية مع تقنيات الليزر والبلازما في التكسير، تبدو الآن مجرد أحلام وطموحات علمية، وخلال عقد أو عقدين قد تصبح واقعًا، يتلافى تحديات استهلاك المياه المستخدمة في التكسير وتلوثها، حيث تستهلك عملية تكسير الصخر لاستخراج النفط الصخري 1– 2 مليون جالون مياه لإتمام عملية التكسير“.

يؤكد باطويل أن المياه المستهلكة في عملية تكسير الصخور بعد حفر الآبار على أعماق قد تصل إلى 1000 متر وحفر أفقي مع الضغط لا يقل عن 3000 متر، هي مياه مضاف إليها محفزات كيميائية خاصة تعمل على تحرير الغاز من مكامنه؛ حتى لا تؤثر على كيمياء الغاز والنفط المستخرجَين من مسام الصخور، وتلك عملية تستغرق وقتًا طويلاً وتتكلف الكثير، ويُحتمل فيها حدوث تسريبات لغازات ضارة بالبيئة.

وبالفعل تعاني منطقتنا العربية نقصًا حادًّا في المياه والتقنيات والبنى التحتية المتقدمة اللازمة لإتمام هذه العمليات، ما يجعل أمريكا التي تتمتع بمخزون كبير من النفط والغاز الصخري، تتمكن من تكسير 10– 20 ألف بئر سنويًّا، في وقت لا تستطيع المنطقة العربية تكسير ألف بئر في العام للأسباب السابقة الإشارة إليها.

النفط الصخري برز الآن بوصفه أحد العوامل المؤثرة على صناعة الطاقة في العالم، والتحكم في أسعار النفط ارتفاعًا وانخفاضًا، وكذا حجم الاستثمارات في البحث والكشف والاستخراج، بهذه الكلمات تحدث د. كيلفين جريجوري -الباحث بجامعة كارنيجي ميلون بالولايات المتحدة .

واستدرك قائلًا: ”إلا أن الأمر يستوجب البحث عن سبل خفض الأثر البيئي الكبير لاستخراج الغاز المصاحب، سواء من الناحية الميكروبيولوجية أو الجيولوجية أو الكيميائية، على سبيل المثال الخوف من تلوث المياه الجوفية، بسبب عمليات التكسير التي تصل للصخور القريبة من مناطق المياه العذبة والضحلة، ما يلوثها بسوائل التكسير، وهي نواحٍ مهمة يجب معالجتها إن أردنا استدامة مواردنا من الطاقة“.

أما أبو صباح الإمام النور، الباحث المتخصص في الهندسة البترولية بجامعة السودان للعلوم والتقنية، فيستنكر لهث الدول -خاصة العربية- باتجاه استخراج النفط الصخري، موضحًا: ”لماذا نهدر المليارات في البحث عن النفط الصخري الذي تكتنفه تحديات عديدة، في وقت تتراجع فيه أسعار النفط التقليدي، أليس الأجدى تعظيم إنتاج المورد الذي تحت أيدينا؟ ولننظر لتجربة الجزائر المتعثرة منذ فترة في محاولتها استخراج النفط الصخري، دون نتائج ملموسة“.

SciDev.net

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا