يرى البعض في حماية الطبيعة والحفاظ على التنوع الحيوي مجرد ترف في ظل انشغال الاقليم وعدد من دول العالم بالحروب والنزاعات وموجات الجوع التي تصيب اللاجئين من مناطق مختلفه من ارجاء المعمورة.
إلا أن للخبراء رأي آخرون، فهم يرون في حماية الطبيعة استمرار للبشرية ودافع قوي للحياة يجعل من الجنس البشري اقدر على التكيف ويقدم العديد من الفوائد على المستوى الاقتصادي والصحي والبيئي والاجتماعي وأن التنوع الحيوي هو أهم سبب في بقاء البشرية.

ويرى مدير برنامج المحميات والتنوع البيولوجي بالاتحاد الدولي لحماية الطبيعة بمكتب غرب آسيا بعمّان هاني الشاعر: أن “التنوع الحيوي أو التنوع الأحيائي هو ما تحتويه الأرض من أشكال الحياة من أصغر الكائنات الحيّة وأقلّها تطوراً كالفيروسات والجراثيم إلى أكبرها وأكثرها تطوراً كالثدييات، وهو كلّ ما يحتويه سلّم التصنيف البيولوجي من كائنات تساهم وتعتمد على بعضها البعض في الحياة على كوكب الأرض باختلاف أنواعها وأشكالها وأحجامها”.

وبين “أن أهمية الحفاظ على التنوع الحيوي في الوقت الحالي نتيجة تناقص أعداد أجناس الحياة بإطراد، فقد أظهرت بيانات الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) أن العالم قد فقد منذ السبعينات من القرن الماضي ما يقرب من ثلث الحياة البرية التي تعيش فيه، وأن العديد من الدراسات كشفت أن عدد الأنواع التي تعيش على سطح الأرض قد انخفض بنسبة 25 في المئة، بينما انخفضت الأنواع البحرية بنسبة 28 في المئة والتي تعيش في المياه الحلوة بنسبة 29 في المئة.

وفي رقم أكثر رعبا، قال الشاعر “أن الإحصاءات تظهر بأن الجنس البشري يمحو نحو 1 في المئة من الأنواع الأخرى التي تسكن الكرة الأرضية كل عام، وهو ما اعتبره الشاعر إحدى “مراحل الانقراض الكبرى، مبينا أن السبب في ذلك هو التلوث وانتشار المزارع الحيوانية والتوسع الحضاري إضافة إلى الإفراط في صيد الحيوانات و الأسماك”.

أهمية التنوع الحيوي

إنّ التنوّع الحيوي يلعب دوراً مهمّاً في اقتصاد العالم؛ بحسب الشاعر الذي أشار إلى أن “التنوّع يمنح البشرية فرصةً للتعرّف على التركيبات الوراثية المختلفة ممّا يساعد في إنتاج نباتات أفضل ونباتات جديدة تقوّي الاقتصاد، كما يساهم التنوّع الحيوي في إمداد البشر بكلّ ما يحتاجونه كالأخشاب المختلفة والأغذية، وأن هناك أكثر من سبعة آلاف مركب طبي في دساتير الأدوية الغربية مشتقة من النباتات تزيد قيمتها على 40 مليار دولار في السنة”.
وكشف أن “تخفيض التنوع الحيوي يعني أن الملايين من البشر يواجهون مستقبلاً تكون فيه احتياجاتهم من الغذاء مهددة بسبب الآفات والحشرات، ومن المياه إما غير منتظمة أو معدومة تماما”.

أما في الجانب السياحي فبين الشاعر أن “التنوع البيئي يجذب العديد من السيّاح لمشاهدة أنواع الكائنات الحية المختلفة، وزيادة السياحة تقوّي الاقتصاد وتمنح فرص عمل جديدة وهي متعة للسياح.، بالاضافة الى الجانب الروحي بحسب ما قال “إنّ البقاء حقٌّ لجميع الكائنات الحية على اختلافها، وقد أعطت جميع الديانات هذا الحق وشرعته ضمن ضوابط لحماية الحيوانات والنباتات من بطش الإنسان”.

وحول الجانب الصحي أشار الشاعر أن “الأدوية بأكملها تعتمد على الكائنات الدقيقة والنباتات، وتحافظ على الصحّة العامة بالمساهمة بالقضاء على الكائنات والحشرات الضارة، والحماية من الانقراض والهلاك؛ فالتنوّع الحيوي هو ما يحفظ التوازن البيئي في الأنظمة البيئيّة فيمنح الكائنات الغذاء، ولا يزيد عددها عن المستوى الطبيعي؛ لأنّ أي زيادة قد تؤدّي لانقراض أنواع أخرى ومشاكل بيئية”.

أسباب اختلال التوازن البيئي

بين هاني الشاعر ان :هناك الكثير من الاسباب التي تعمل على اختلال التوازن الطبيعي منها تغير العوامل الطبيعية كالجفاف والزلازل والبراكين، وادخال كائن حي في بيئة جديدة لا يوجد عدو طبيعي فيها، أو اخراج حيوان أو نبات من البيئة المتوازنة أو قتل كائن حي في بيئة متوازنة والاستخدام الغير المرشد للمبيدات واحداث تغييرات في الاجراءات”.

كما اشار الشاعر إلى “أن ممارسات الانسان بشكل مباشر تعمل على تدهور التوازن البيئي ومنها التوسع العمراني بقطع الأشجار وتحويل الأراضي الزراعية إلى مناطق سكنية مما أدى ذلك الى تراجع الغطاء النباتي والصيد الجائر والرعي الجائر وانجراف التربة والتصحر”.

واضاف أن “الإنسان جزء لا يتجزأ من النظام البيئي الذي يعيش فيه بما يحتوي من مقومات الحياة كالغذاء والهواء والماء لكن تدخل الانسان في البيئة أدى الى اختلال توازنها فعند تغير أحد العوامل الطبيعية كردم البرك وتجفيف المستنقعات وقطع الغابات, يختل التوازن وتهلك النباتات والحيوانات”.

الحلول والتوصيات

أخذت الدولة على عاتقها اقامة المحميات وتنويع أغراضها حيث خصصت محميات لحفظ الأنواع وزيادة عددها ولا سيما المهددة بالانقراض وتعيش بصورة طبيعية بعيداً عن تدخلات الانسان وممارساته. وأشار الشاعر “أنه يجب على الانسان أن يكون القوة الفاعلة للحفاظ على التوازن البيئي وهذا يستدعي ايقاظ الضمير البيئي عنده الى أبعد الحدودو اضافة الى تنمية العمل الجماعي لجميع الدول لوضع سياسة بيئية مشتركة تعمل على حماية البيئة بكل مكوناتها”.

 

طارق الحميدي – صحيفة الوسط البحرينية

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا