تسعى منظمات المجتمع المدني من خلال قمة موازية لقمة الأرض في ريو دي جانيرو إلى التأكيد على أن انخراط الدول والشركات الكبرى في الاقتصاد الأخضر لم يتم حتى الآن حسب قواعد منظومة التنمية المستدامة.

“قمة الشعوب “المنعقدة في ريو  دي جانيرو من 15 إلى 23من شهر يونيو/حزيران 2012 هي جزء أساسي من فعاليات قمة الأرض المنعقدة في المكان ذاته والتي سيختم جزؤها الرسمي يوم 22 يونيو/حزيران .

وقد اختار منظمو ” قمة الشعوب” لها شعارا يقول إن الرأسمالية الخضراء ليست التنمية المستدامة بل هي إحدى العوائق التي حالت خلال السنوات العشرين الماضية دون تجسيد متطلبات التنمية المستدامة كما حددت بدقة خلال قمة الأرض الأولى في هذه المدينة البرازيلية قبل عشرين عاما. وهذه المتطلبات هي الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وصحيح أن الأطراف الرسمية في قمة  ريو دي جا نيرو الحالية ستبحث بشكل خاص في سبل تعزيز منظومة الاقتصاد الأخضر في عدة مجالات حيوية منها المجال الزراعي والصناعي والنقل . ولكن منظمات المجتمع المدني التي تمثل الشعوب في القمة ترى الطريقة التي تعاملت من خلالها الأسرة الدولية مع هذه المنظومة خدمت مصالح الشركات الكبرى ومصالح فئات قليلة أكثر مما خدمت شرائح المجتمع المتوسطة الحال والفقيرة.

فتجارب الوقود الأخضر مثلا أدت عموما خلال السنوات العشر الماضية إلى تقليص مساحات الأراضي الصالحة للزراعة وانعكست سلبا على الأمن الغذائي بالنسبة إلى كثير من الناس لاسيما في البلدان النامية. ومنتجات الزراعة العضوية التي نمت خلال السنوات العشرين، لا يستطيع حتى متوسطو الحال اقتناءها اليوم لأن أسعارها مرتفعة أكثر من اللزوم ولأن أنصار الزراعة المكثفة لا يزالون يضيقون عليها الخناق في كل مكان ليواصلوا كسب مزيد من الأرباح على حساب البيئة والمستهلك.

ويقول المعترضون على مبدأ توسيع رقعة المساحات المخصصة للزراعة العضوية إنها غير قادرة على النمو بالشكل الذي تنمو عليه حاجات سكان العالم من الغذاء والتي يتوقع ارتفاعها بخمسين بالمائة خلال السنوات العشرين المقبلة.

في هذا الإطار أيضا يذكر ممثلو الشعوب في قمة الأرض بأن التكنولوجيا الحديثة في مجال النقل النظيف ومصادر الطاقة الجديدة والمتجددة تملكها اليوم بلدان صناعية أو شركات خاصة ولكن نقلها إلى بلدان الجنوب لا يزال محدودا لأن مخترعي هذه التقنيات ومصنعيها لا يزالون يهتمون بالربح أكثر مما يدركون أن ” الرأسمالية الخضراء” لا تعني التنمية المستدامة.

واللافت في المنهجية التي يستخدمها ممثلو قمة الشعوب في ريو دي جانيرو أنها تركز في كثير من فعالياتها على إظهار عينات ناجحة قادتها منظمات المجتمع المدني في مجال التنمية المستدامة في كل المجالات الاقتصادية الخضراء ولكن عبر رؤية تأخذ في الحسبان الاعتبارات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. وهو ما يتجلى مثلا عبر تجارب ” التجارة العادلة” .

وإذا كانت الشركات الكبرى تعول على الأموال الضخمة وشعار الاقتصاد الأخضر لتكسب مزيدا من الأموال، فإن قمة الشعوب في ريو دي جانيرو تعول من جانبها كثيرا على المستهلك ليقيم بشكل منتظم توازنا بين هذه الاعتبارات الثلاثة عبر تغيير أنماط سلوكه مع الاستهلاك .

فرانس 24

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا