يعد شارع أوكسفورد في العاصمة البريطانية لندن واحدا من أهم وأشهر مراكز التسوق في العالم لدرجة أنه يعد قبلة التسوق الأولى في العالم.

ولا ترجع شهرته لأنه المكان الذي تباع به أغلى وأرقى المجوهرات وتصميمات الحلي والماركات العالمية, بقدر ما هو مركز تسوق الطبقات النبيلة على مستوى العالم منذ عقود عديدة، حيث يكفي أن يتسوق شخص في شارع أوكسفورد حتى يعلم الجميع أنه من بيت عريق نبيل.

ورغم ذلك أضحى الحديث عن شارع أوكسفورد في الآونة الأخيرة يتمحور حول أنه تحول إلى واحد من أكثر شوارع العالم تلوثا نظرا لما تحتويه طبقات الهواء في المنطقة المحيطة به من غاز أكسيد النيتروجين طبقا لما أعلنه العلماء في الكلية الملكية.

وواقع الأمر أن انتقاد الهواء الملوث لم يظهر بشكل مفاجئ، ففي العام 2000 أعلن العلماء أن 1200 شخص يموتون سنويا بسبب تلوث الهواء، كما أعلن عمدة المدينة المطلة على نهر التايمز، كين ليفنجستون أن هذه المشكلة لم تؤخذ مأخذ الجد مما أدى إلى تفاقمها حتى وصل عدد المعرضين للوفاة بسبب تلوث المدينة بعد عشر سنوات من اكتشاف المشكلة إلى 4000 مواطن سنويا يموتون قبل الأوان بسبب استنشاقهم هوائا ملوثا.

القاتل الخفي
في أبريل/نيسان الماضي أطلق أعضاء البرلمان في ويستمنستر اسم “القاتل الخفي” على مشكلة الهواء الملوث، كما تحدث رئيس البرلمان جوان ويلي عن البيئة متسائلا عن السر وراء هذا التباطؤ في إيجاد حل لهذه المشكلة.

واقع الأمر أن مشكلة التلوث في لندن ليست من السهولة بمكان إيجاد حل لها حيث يعيش في المدينة ما يقرب من ثمانية ملايين في مبان شاهقة. ومع ذلك فإن البنية التحتية الفعلية لا يمكنها استيعاب هذا العدد من السكان ولم تكيف، لذلك وبهذا أصبحت الطرق أكثر ضيقا وازدحاما وأصبحت المدينة خانقة وهو ما يمثل بيئة مثالية للهواء الملوث.

ويساعد على تفاقم المشكلة سيارات الأجرة السوداء التي تشتهر بها المدينة وتعمل بمحركات الديزل مما يؤدي إلى انبعاث أكسيد النيتروجين منها خاصة عند حدوث الاختناقات المرورية.

وفي هذا السياق أوضح البروفيسور ديفد كارسلو أحد أعضاء المجموعة المختصة ببحث المشكلة في كينغز كوليدج أن الحكومة ساهمت في ازدياد المشكلة حيث شجعت السائقين على استخدام محركات الديزل رغم ما تسببه من أضرار.

وتوضح دراسات وأبحاث كينغز كوليدج أن معدلات التلوث عن طريق الهواء في لندن وصلت إلى أعلى مستوى منذ سبع سنوات في الأشهر الستة الماضية، فيما يعرب العلماء عن قلقهم بسبب معدلات الأوزون وثاني أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت وجسيمات بي إم 10 المنبعثة من أبخرة العوادم.

حل المشكلة
ورغم أن لندن تنتهك منذ سنوات عديدة معايير جودة الهواء المقررة من قبل الاتحاد الأوروبي، أعلن بوريس جونسون عمدة المدينة أن حل المشكلة مكلف ماديا بالنسبة للمدينة بل وللمملكة المتحدة نفسها.

كما اعترفت الحكومة البريطانية في جلسة عقدت مؤخرا أمام محكمة الاتحاد الأوربي أن ثلاث مدن بها، وهي لندن وليدز وبرمنغهام تفوق نسبة التلوث بها النسبة المسموح بها في دول الاتحاد الأوربي مما قد يعرض المملكة المتحدة لدفع غرامة تقدر بـ300 مليون جنيه إسترليني (515 مليون دولار أميركي) إذا لم تحل هذه المشكلة قبل حلول عام 2030.

وقد اعتزمت الحكومة اتخاذ التدابير اللازمة لحل هذه المشكلة فعملت على توفير 900 مليون جنيه إسترليني لتطوير المركبات والمحركات وتقليل الغازات المنبعثة منها، ومن المتوقع أن تظهر نتيجة هذه المجهودات بحلول العام 2020.

ومع ذلك يرى المنتقدون أن هذا قد يكون حلا لمشكلة اقتصادية، أما الحل على المستوى البيئي فيجب أن يكون من خلال طرح مبادرات لتحويل شارع أوكسفورد وغيره من شوارع لندن العالية التلوث إلى طرق مشاة، خاصة تلك الشوارع التي تحتوي على اختناقات مرورية بسبب استيعابها معدلات تكدس تفوق بنسبة 3.5% أكبر من المعدل الفعلي.

الجزيرة

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا