تحت ضغوط قوية من قبل جماعات الضغط المدافعة عن الصناعات الغذائية، اضطرت شركة فرنسية متخصصة في خدمات المطاعم الجماعية إلى التنكر لخطابها حول ضرورة حماية البيئة.لم يكن أحد من العاملين في شركة “سوديكسو” الفرنسية يصدق في شهر أبريل/نيسان 2012 أن الشركة ستجد نفسها مضطرة بأي حال من الأحوال إلى التنكر للحملة العالمية التي أطلقتها في ذلك الشهر بمناسبة أسبوع التنمية المستدامة السنوي الذي يقام في البلاد.

وحثت الشركة في حملتها الناس عن التقليل من استهلاك اللحوم الحمراء حفاظا على صحتهم وعلى البيئة.

فهذه الشركة التي تأسست في فرنسا عام 1966 أصبحت اليوم أهم شركة عالمية متخصصة في إدارة ما يسمى” المطاعم الجماعية” أي مطاعم المؤسسات العامة والخاصة التجارية وغير التجارية كالبنوك والمدارس والمستشفيات. وللشركة اليوم حضور في 80 بلدا. وهي تشغل أكثر من 400 ألف شخص.

في شهر أبريل /نيسان 2012 ، أطلقت الشركة حملة لدى رواد 50 من المطاعم التي تشرف عليها في فرنسا من خلال ملصق كبير يدعو المستهلكين للامتناع عن أكل اللحوم الحمراء مرة على الأقل في السنة. واستعرضت في الملصق بعض الأسباب التي دعتها لحث المستهلكين على التخفيف من استهلاك مثل هذه اللحوم من خلال التذكير بمقولات يرددها اليوم خبراء البيئة والتنمية في أغلب المؤتمرات والقمم الدولية منها مثلا واحدة تخلص إلى أن إنتاج كيلو غرام واحد من اللحوم الحمراء يلوث بمقدار التلوث الذي تتسبب فيه السيارة بعد أن تقطع مسافة تعادل مائتين وعشرين كيلومترا.

وأدرجت الشركة في الملصق أيضا مقولة أخرى هي في الحقيقة خلاصة إحصائيات مؤكدة ترى أن مستهلكي بلدان الاتحاد الأوروبي يأكل الواحد منهم في حياته على حيوانات كثيرة عبر الاستهلاك منها 760 دجاجة و20 خنزيرا بالنسبة إلى آكلي لحوم هذا الحيوان و29خروفا و5 ثيران.

هذه الحملة أثارت حفيظة كبار مربي الماشية في فرنسا ودفعت الفيدرالية الوطنية الفرنسية لنقابات المنتجين المزارعين إلى ممارسة ضغوط شديدة على الشركة للتنكر إلى حملتها. بل إنها أجبرتها مؤخرا على إصدار بيان تقول فيه إن المعلومات التي استخدمتها في الملصق غير صحيحة وأن إنتاج اللحوم الحمراء ليس عدو البيئة باعتباره لا يتسبب في الغازات التي تغذي ظاهرة الاحتباس الحراري.

ويرى حماة البيئة أنه على الشركة أن تتحمل مسئولياتها وأن تشرح للمستهلكين على الأقل بشكل واضح طبيعة الضغوط التي مورست عليها إلى حد جعلها تتنكر لمبادرتها وتذهب إلى مغالطة الرأي العام عبر تبني خطابات جماعات الضغط التي تقف وراءها شركات الصناعات الغذائية الكبرى. وهي خطابات لا تأخذ في الحسبان عموما حتى الآن الاعتبارات البيئية بما فيه الكفاية. بل إنها تعمد أحيانا إلى دحض حقائق وملاحظات واستنتاجات حولها اليوم إجماع أو توافق لدى الأوساط العلمية.

فرانس 24

اترك تعليقاً

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال الاسم هنا